بقلم - طارق الشناوي
(آلو) تأتى الإجابة على الطرف الآخر: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، كم مرة استمعت إلى رد فعل لا علاقة له بالفعل، حدث تغيير فى السلوك الاجتماعى يبدأ بكلمات عادية، ولكنها تخفى ما هو أبعد من حروف الأبجدية، لا يمكن اختصار ما يجرى حاليا باعتباره صراعًا على زى البحر «بكينى أم بوركينى»، فى العديد من دول العالم صرحوا بما أطلقوا عليه الزى الشرعى للبحر، وذلك بعد أن وصل الأمر إلى ساحة القضاء، على اعتبار أنه يدخل فى إطار الحرية الشخصية، الكلمة تجمع بين متناقضين برقع وبكينى، فجاءت (بوركينى) كَحَلٍّ توافقى لإرضاء قطاع من المجتمع الغربى له جذوره الإسلامية والعربية.
المسكوت عنه فى المعركة حاليا هو أننا نرى ونتابع من يريد تغيير السلوك، ليس من باب الحرية، ولكن لفرض النمط الذى يعتنقه.. هذا ليس جديدًا على الحياة الاجتماعية بمصر.. كان الشيخ الأزهرى محمود أبوالعيون يطارد بعصاه على الشواطئ فى الثلاثينيات من ترتدى المايوه، وجاء الرد عنيفًا من المجتمع، حيث تحول سلوك الشيخ إلى مادة للتندر والسخرية.
نظريًّا كما يبدو للوهلة الأولى القضية محسومة، ومن يحول ومن ترتدى (البوركينى) لنزول البحر أو حمام السباحة يمارس تنمرًا، هم عادة يتسللون من باب حرية الاختيار المكفولة للناس، ثم ينتقلون بعدها للمربع رقم اثنين، وهو فرض الرأى على الجميع، مثلما شاهدنا الحجاب وهو يحقق معدلات انتشار واسعة منذ السبعينيات، تذكروا الستينيات كان ارتداء المرأة الحجاب هو الاستثناء، الآن أصبح عدم ارتدائه هو الاستثناء، تحجبت عدد من الفنانات فى توقيت متقارب لتصل الرسالة، مع الزمن صار الحجاب فى الشارع يحمل نوعًا من الفرز الطائفى، غالبية المسلمات صرن محجبات، والشارع تغيرت ملامحه، وعلى جدران المنازل نداءات تحض على الالتزام به، بل تفرّق بين أنواع الأحجبة، التى صار بعضها فقط هو الشرعى والآخر يحض على الرذيلة.
يبدأون دائمًا بالحديث عن الحرية، مثلما حدث فى مسرحية (الشفرة)، ربما لا يتذكرها أغلب القراء، ولكنها توضح مبدأ التسلل واحدة واحدة ثم السيطرة تماما على المشهد، يضعون أفكارهم فى إطار من السكر ويطلقون على ما يقدمونه «الفن الملتزم»، العرض قدم عام 2007 وكان فحواه هو (الإسلام هو الحل).. الرقابة وافقت على «الشفرة»، فقط اعترضت على مشهد النهاية، الصلاة جماعة على خشبة المسرح.. ألغى من العرض المسرحى الموسيقى لأنهم يعتبرونها حرامًا، وسمحوا فقط بعنصر نسائى واحد إيمان السيد، أسندوا البطولة إلى عبدالعزيز مخيون، باقى الأسماء غير معروفة، الخطة هى تغيير الحالة الفنية فى مصر ليصبح كله يقع فى إطار الالتزام الدينى كما يرونه من وجهة نظرهم.
اختاروا مسرحًا يحمل اسم الكاتب الكبير فيصل ندا، لأن مسرحياته التى قدمها من قبل كانت مليئة بالرقص، فقرروا أيضا تحجيب خشبة المسرح.
الحكاية فى عمقها ليست «بكينى أو بوركينى»، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالحرية، إنه التسلل خطوة خطوة، وتلك البداية، وتذكروا (آلو.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).