وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع

وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع؟

وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع؟

 العرب اليوم -

وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع

بقلم - طارق الشناوي

فجأة صارت الحَبة قُبة. كثيراً ما نجد في عالمنا العربي تنويعات على الحبات التي تُصبح في لحظات قباباً، كما أن العكس أيضاً صحيح. كثير من القباب تضاءلت لتصبح مع الزمن حبات، لا تُرى حتى بالعين المجردة.
عارضة أزياء مصرية ارتدت زياً فرعونياً، ودخلت إلى ساحة الأهرامات والتقطت لها صوراً مع المعابد، فجأة تحولت إلى قضية رأي عام، وبلاغات للنائب العام، ثم جاء رد فعل، من جنس الفعل، هناك من نشر صوراً لفتاة أخرى، ترتدي زياً فرعونياً تغلب على تصميمه الحشمة. بداية لم أرتح إلى ما رأيت، شعرت في المرتين، بالفجاجة وبقدر لا ينكر من النفور، إلا أن «ترمومتر» الذوق وما يجوز أو لا يجوز، ليس معياراً مطلقاً، فهو يختلف من زمن إلى زمن، ومن مجتمع إلى آخر، وتتعدد فيه وجهات النظر.
هل حدث شيء لحضارة الـ7 آلاف سنة؟ هل تقدم خوفو وخفرع ومنقرع يتقدمهم أبو الهول ببلاغ رسمي إلى الجهات المعنية، لاتخاذ اللازم ضد من اقتحم عليهم هدوءهم وسكينتهم وأقض مضاجعهم بتلك اللقطات؟.
في العالم كثيراً ما شاهدنا أفلاماً تجري أحداثها داخل أماكن مقدسة، بل ونرى تجاوزات أخلاقية على الشريط السينمائي، ولم نقرأ مثلاً أن «الفاتيكان» أعرب عن استيائه، كما أن الأهرامات والمعابد تمت إحالتها إلى ديكور يماثلها في الشكل، والعديد من الأفلام العالمية التي تصور خارج مصر، قدمت أحداثاً تناولت سرقة المومياء، وبعضها يتاجر في «الزئبق الأحمر» وهو مادة أساساً غير مؤكد وجودها في الطبيعة، وتتعدد مظاهر استخدامها، من الأعمال المرتبطة بالعالم السفلي إلى صناعة الأسلحة النووية، ولا يمكن أن نعتبر أن كل هذا الوهم، يستحق أن نبدد طاقتنا ونطارده في المحاكم.
لدينا قضايا أخطر من مجرد فتاة ترتدي زياً فرعونياً فجاً وأخرى ترتدي زياً فرعونياً محتشماً، ليست تلك أبداً هي القضايا التي نتوقف عندها.
الحضارة الفرعونية بكل تفاصيلها، ألهمت ولا تزال العالم، عشرات من الأعمال الفنية والأدبية، مثلاً نجيب محفوظ له قصة شهيرة وهي «الحب فوق هضبة الهرم»، قدمها المخرج عاطف الطيب قبل نحو 35 عاماً في فيلم سينمائي. البطل الذي أدى دوره أحمد زكي، يسرق قبلة من زوجته التي أدت دورها آثار الحكيم، على مقربة من الهرم، وهو عمل يجرمه القانون ويعتبره فعلاً فاضحاً، كان أديبنا الكبير يناقش ضيق ذات اليد الذي ينتهك خصوصية العلاقة بين زوجين، ورغم ذلك لم يعتبر أحد أن الأمر به تجاوز أخلاقي في حق الحضارة الفرعونية. المقصود هو إثارة «المسكوت عنه» لتحليل معاناة الطبقة المتوسطة، التي لم تعد أبداً متوسطة.
ساحة الهرم مكان ساحر لإقامة العديد من الحفلات، آخر حفل غنائي شاهدناه لفيروز بمصر في الثمانينيات اختارت الأهرام بالقرب من «الصوت والضوء»، إلا أننا لو تصورنا مثلاً أن أحد مطربي «المهرجانات» غنى في نفس المكان واقعياً أو باستخدام «الغرافيك»، هل نُعد ذلك انتهاكاً للحضارة، أم الأجدى أن ندرك أنه لا يمكن النيل من حضارة لها كل هذا الرسوخ، ولم تستطع حتى مدافع نابليون سوى تحطيم أنف نابليون، رغم أن البعض يعتبرها أيضاً شائعة أطلقها الإنجليز على نابليون.
الحبة صارت قبة، وكعادتنا مع مرور الأيام ستعود مجدداً لتصبح حبة، ثم نبدأ بعدها في البحث عن حبة أخرى، ننفخ فيها حتى تُصبح «قُبة»!!

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع وهل اشتكى خوفو وخفرع ومنقرع



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab