لسعان على خفيف

(لسعان).. على خفيف!!

(لسعان).. على خفيف!!

 العرب اليوم -

لسعان على خفيف

بقلم:طارق الشناوي

في حياة عدد من كبار المبدعين لحظات إلهام قد تبدو متناقضة تماما مع صورتهم الذهنية.كان الشاعر الكبير أحمد رامى لا يستطيع أن يكتب إلا وهو يستقل الترام يستلهم من إيقاع العجلات في احتكاكها بالقضبان موسيقاه الشاعرية، كما أنه أحيانا يكتب وهو قابع تحت السرير، وكأنه، كما وصفه المبدع الكبير صلاح جاهين في أحد لقاءته الإذاعية، يعود إلى رحم أمه، بينما الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب لا يأتيه الإلهام إلا وهو مستلقى فوق السرير، وهكذا قدم الاثنان معا عشرات الأغانى الناجحة، وآخرها «انت الحب» لأم كلثوم، من فوق وتحت السرير!!.

بعض المبدعين يحتفظون بـ(حتة لاسعة)، تذكرت هذه الكلمة «لاسع» وأنا أقرأ حوارا قديما لمحمد عبدالوهاب عن الفارق بين الشقيقين عاصى ومنصور رحبانى، كان عبدالوهاب قد اقترب منهما وأصبح على مسافة تكفى ليكشف غموض تلك العملية الإبداعية المعقدة بين الشقيقين، السؤال كان يتردد في حياتهما وزاد بعد رحيل عاصى رحبانى، حيث كان البعض يؤكد أن منصور أيضا مات لأن عاصى هو الإبداع، منصور ولا شك مبدع، إلا أن عبدالوهاب كان يرى في عاصى منبع وسر وسحر الرحبانية، لأنه- لاسع- أكثر، لديه شطحات في سلوكه تنعكس إيجابيا على ألحانه، إلا أن نفى صفة الإبداع عن عاصى يظلم الحقيقة والمنطق، بدليل أنه أكمل بعد رحيل عاصى أنه بمثابة الجزء المنضبط في البناء الموسيقى والشعرى لأغانيهما المشتركة، وله أيضا إبداعات منفردة في الكتابة الشعرية.

إذا كان عبدالوهاب هو عنوان الالتزام، فإن الموسيقار بليغ حمدى هو عنوان الصعلكة، (البوهيمية) في أعلى درجاتها، لا يلتزم بحب امرأة واحدة ولا بموعد واحد، حتى إنه نسى ليلة زفافه على وردة وسافر في نفس التوقيت إلى بيروت، كانت أم كلثوم لا تستقبل أحدا يتأخر ولو دقائق عن موعده، ولهذا كانت تضج كثيرا بسبب تعدد مرات تغيبه وبدون حنى اعتذار، حتى إنه لم يحضر واحدة من البروفات النهائية لأغنية «بعيد عنك»، ويومها قررت التوقف نهائيا عن التعامل معه، لكنها غنت له بعدها «الحب كله»، وكرر نفس الأمر مع قصيدة (من أجل عينيك عشقت الهوى) فعاقبته بقسوة تلك المرة، ومنحت الكلمات لرياض السنباطى ورفضت كل محاولات بليغ للاعتذار، رغم أنه كان قد أوشك على الانتهاء من اللحن، إلا أنها سجلت له آخر أغنية رددتها «حكم علينا الهوى» مطلع عام 1973!!.

الموسيقار كمال الطويل كانت لديه عادة غريبة، قبل أن يبدأ في التلحين، يهرع إلى محل سمك بجوار منزله يتأمل أنواعه، من بعيد لبعيد، وبعدها يصعد للمنزل ويلحن أعذب النغمات. سوف تلاحظ أنه حتى المنضبطين ظاهريا لديهم تلك اللمحات، مثلا عملاق الأدب العربى عباس محمود العقاد، عندما أراد أن ينسى حبه للفنانة الكبيرة مديحة يسرى طلب من صديقه الفنان التشكيلى الكبير صلاح طاهر أن يرسم لوحة لتورتة تحوم حولها الحشرات ووضع اللوحة فوق السرير، لأنه كان يعارض اشتغال مديحة بالتمثيل وقبل أن يذهب لسريره ينظر للوحة بضع دقائق ثم ينام قرير العين، ورغم ذلك فلقد كتب عنها أكثر من قصيدة حب، قبل وبعد تلك اللوحة!!.

عادل أدهم عشق تلميع أحذيته بنفسه وتفنن وهو يضع عليها الورنيش، وكأنه يستخدم أصابع الروج على شفتى أجمل امرأة في الكون.

قليل من اللسعان أحيانا يؤدى إلى كثير من الإبداع أكرر (أحيانا)، هناك على الجانب الآخر لسعان يؤدى فقط إلى مزيد من اللسعان!!.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لسعان على خفيف لسعان على خفيف



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:38 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
 العرب اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
 العرب اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة  بالروسي

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 15:07 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

كاف يعلن موعد قرعة بطولة أمم أفريقيا للمحليين

GMT 19:03 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

فيروس جديد ينتشر في الصين وتحذيرات من حدوث جائحة أخرى

GMT 13:20 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

برشلونة يستهدف ضم سون نجم توتنهام بالمجان

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 07:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 08:18 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مي عمر تكشف عن مصير فيلمها مع عمرو سعد

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 09:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

الصحة العالمية تؤكد أن 7 ٪ من سكان غزة شهداء ومصابين

GMT 08:54 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

محمد هنيدي يكشف مصير مشاركته في رمضان

GMT 23:13 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 5.5 درجة على مقياس ريختر يضرب مدينة "ريز" في إيران

GMT 08:44 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

بشرى تكشف أولى مفاجآتها في العام الجديد

GMT 09:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

شهداء وجرحى في قصف متواصل على قطاع غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab