رقابة على حد السيف

رقابة على (حد السيف)!

رقابة على (حد السيف)!

 العرب اليوم -

رقابة على حد السيف

بقلم: طارق الشناوي

تتحرك الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، التى أسسها القس صموئيل حبيب، ويترأسها القس أندريه زكى إسطفانوس، بقدر كبير من الرحابة الفكرية وهى تناقش قضايا المجتمع، بكل أطيافها. أمس الأول شاركت فى ندوة نظمتها الهيئة بعنوان (الفن ودوره فى بناء الجمهورية الجديدة)، أدارها الكاتب المرموق د. خالد منتصر، وشارك فيها د. طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.
قلت فى كلمتى: علينا إدراك تلك المعادلة التى تتحرك فيها الرقابة على المصنفات الفنية، واقفة على حد السيف، داخل المنظومة الثلاثية: مواطن ودولة ومبدع.

الرقابة تريد عادة فك (الشفرة) بين الثلاثة، وغالبًا يزداد خوف الرقيب، ويختار أسهل وأسوأ حل عندما يتعامل مع عمل فنى، يقترب ولو من بعيد لبعيد لما دأبنا على وصفه بـ(المسكوت عنه)، على الفور يهرب من المأزق قائلًا: (لا تعليق)، فهو لا يوافق ولا يرفض، بل يزايد على المواطن وعلى الدولة فى زيادة جرعة التوجس، ويترك المساحة الرمادية، هى التى تسيطر على المشهد، وهكذا تتراكم السيناريوهات غير المجازة رقابيًا فى الدرج.

قلت فى الندوة إن الرقيب هو حلقة الوصل بين المبدع والشعب، السؤال هو: كيف يستوعب الرقيب المتغيرات، وكيف يتعامل مع النص؟ وضربت مثلًا بالكاتب الكبير نجيب محفوظ، الذى شغل موقع رئيس الرقابة، عندما وجد أمامه تقريرًا بمصادرة أغنية (يا مصطفى يا مصطفى)، لأن الرقيب وجد فيها دعوة للهتاف لمصطفى باشا النحاس والمطالبة بعودته هو وحزب الوفد لحكم البلاد، كنا وقتها عام 1959 والنحاس باشا على قيد الحياة، مر سبع سنوات على ثورة 23 يوليو 52، وفى الأغنية مقطع مباشر (سبع سنين فى العطارين/ وانت حبيبى يا مصطفى)، وأمسك الرقيب بجسم الجريمة (سبع سنين)، وسخر منه نجيب محفوظ قائلًا: (يعنى لو أذيعت الأغنية العام القادم فى الاحتفال الثامن بالثورة نقدمها بلا حساسية)، وأجاز «محفوظ» الأغنية على مسؤوليته الشخصية.

روى لى المستشار الراحل مصطفى درويش، وكان يشغل موقع الرقيب عام 1970، عندما تقدم المخرج شادى عبدالسلام بسيناريو (المومياء)، كان التقرير المبدئى بالرفض بسبب قراءة خاطئة للنص، تشير إلى أنه يدعو ضمنيًا بالعودة إلى مصر الفرعونية والكفر بالعروبة، البعض بعد الهزيمة بدأ يستشعر أن العالم العربى لم يقف مع مصر بعد نكسة 67 ووجدوا الحل فى العودة إلى أصلنا الفرعونى، وإنكار عروبتنا، وطلب عدد من المثقفين بسبب تلك القراءة المتعسفة برفض السيناريو، إلا أن الرقيب العاشق للسينما تحمل على مسؤوليته إجازة السيناريو الذى ساهمت مؤسسة السينما فى إنتاجه، وصار مع الأيام هو أفضل فيلم عربى وذلك طبقًا للاستفتاء الذى أجراه مهرجان (دبى) عام 2013، لو استسلم الرقيب لتلك القراءة أخذًا بالأحوط، لخسرنا (المومياء) الذى وصفه المخرج العالمى مارتن سكورسيزى قائلًا: (شادى عبدالسلام وضع بهذا الفيلم أبجدية خاصة للغة السينمائية المصرية).

كلنا نعلم العديد من المحاذير والمحظورات التى تُكبل الموظف داخل هذا الجهاز الحساس، مثلًا عندما تُصبح بصدد تقديم عمل فنى به شخصية قبطى، وهكذا مثلًا تعثر فى الماضى، سيناريو فيلم (لا مؤاخذة) الذى كتبه عمرو سلامة، لأن بطل الفيلم يلتحق بمدرسة ابتدائية حكومية، يعتقد الطلبة والمدرسون أنه مسلم، وهو يخفى ديانته.

الحساسية ربما يراها البعض متعلقة بالمسلمين فقط، إلا أن الحقيقة هى أن المسلمين والأقباط لدى كل منهم تحفظ ما، عندما يتم تناول شخصية درامية قبطية حيث ينظر أولًا لخانة الديانة، ويتناسى الجميع أنهم مصريون أولًا.

تم التصريح قبل بضعة أعوام بـ(لا مؤاخذة)، بعد حذف عدد من اللقطات، بينما تعنتت الرقابة ولاتزال مع سيناريو فيلم (شرط المحبة) للكاتبة والمخرجة هالة خليل، لن تجد أبدًا أى قرار ولو حتى بالرفض، فقط سيقول لك الرقيب: (لا تعليق)، وعليك أنت أن تضع التعليق المناسب.

الحلقة المتوسطة بين المبدع والجمهور، أقصد الرقابة تحتاج لرؤية مرنة فى التعامل مع الحياة، ولا أقول فقط الفن، تطبيق القواعد الصماء، بدون استيعاب للفكرة العامة التى يحملها العمل، تحتاج إلى رقيب أكثر رحابة وأبعد نظرًا!!.

arabstoday

GMT 06:19 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بداية الحرب

GMT 06:16 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

زهرةُ الفن العربى

GMT 06:14 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أمر شائن!

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:27 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقابة على حد السيف رقابة على حد السيف



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية
 العرب اليوم - عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab