بقلم - طارق الشناوي
يرى عدد كبير من النقاد وأيضا الجمهور أن ذروة نجاح أحمد زكى تقديمه لشخصيات معاصرة مثل طه حسين وجمال عبدالناصر وأنور السادات وعبدالحليم، وكان لديه طموح للمشير عبدالحكيم عامر وأحمد فؤاد نجم وحسنى مبارك وطلعت حرب، وغيرهم، سوف تكتشف لو قرأت السيرة الذاتية لعدد من النجوم أنهم بدأوا مقلدين، وبعدها انطلقوا للتمثيل، بينما أحمد ظلت بداخله تلك الروح لم تغادره.
لو سألتنى عن ذروة الأداء للنجم الأسمر سأتوقف أمام (البرىء) و(ضد الحكومة) و(زوجة رجل مهم) و(اضحك الصورة تطلع حلوة) و(الهروب) و(أرض الخوف) و(كابوريا) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(البيه البواب) وغيرها، رصيد أحمد يجعل الانتقاء مستحيلا، ولكنى لن أعتبر أبدا أن (ناصر) و(السادات) و(حليم) بين تلك الذرى.
أحمد يصف نفسه (شخبطة ع الحيط لا تكتمل إلا فقط أمام الكاميرا)، يذوب عشقا فى شخصياته الدرامية، فهى التى تحدد ملامحه وتنقله من (الشخبطة) إلى الحياة والاكتمال، كان لديه دائما رغبة أن يتوازى الإبداع الذى يقدمه على الشاشة مع الأرقام التى تحققها أفلامه، يحتل المرتبة الثالثة فى شباك التذاكر، بعد عادل إمام ومحمود عبد العزيز، أحمد أرقه كثيرا هذا الهاجس، وبين الحين والآخر تجده يقدم فيلما تجاريا بلا طموح مثل (مستر كاراتيه) لأنه استشعر أنه سيحطم الإيرادات تحطيما، فتهزمه الأرقام.
أظن أن جزءا من حماس أحمد لتقديم عدد كبير من الشخصيات المعاصرة، أهم دوافعه هو أنها من الممكن أن تحقق له الانتصار الرقمى.
ولم تكن تلك هى فقط رغبة أحمد زكى، لقد تنبه الرئيس أنور السادات إلى أحمد زكى مبكرا وطلب من يحيى العلمى أن يقدم حياته فى مسلسل مأخوذ عن كتابه (البحث عن الذات) بعد أن كان قد شاهده فى (الأيام) متقمصا طه حسين، بعد رحيل السادات توقف المشروع، ولم ينقذه إلا حماس أحمد زكى لإنتاجه فى فيلم بعد 20 عاما.
المفارقة الآن أن أحمد الذى قدم كل هذه الشخصيات، وكان يحلم وهو يودع الحياة بأخرى، سيصبح هو الهدف، كيف سنرى أحمد زكى على الشاشة، أحمد كان يفرض منهجه على المخرجين فى التناول، ولم يكن هذا هو المفتاح الصحيح، شاهدنا العديد من الشخصيات تبعث لها الحياة على الشاشة، وتعددت المحاولات، أفضلها ما قدمته المخرجة إنعام محمد على فى مسلسل (أم كلثوم)، عندما أسندت الدور إلى صابرين، ويومها حذرها الكثيرون من سوء العاقبة، خاصة أن عددا من كبار النجمات كن يتصارعن، وتدخلت شخصيات فاعلة فى الدولة لفرض إحدى النجمات، بينما تمسكت المخرجة بحقها، كان مفتاح إنعام فى تعاملها مع المسلسل، وليس فقط أم كلثوم، أنها ستقدم لوحة بريشة فنان تشكيلى، وليست صورة فوتوغرافية، اللوحة تتجاوز الملامح إلى المشاعر، وهو ما استوعبته صابرين، وباقى المشاركين فى اللوحة، ولكن هل سيرضى النجوم والنجمات وكل من عاصر أحمد زكى عن تلك الصورة التى ستقدم فى المسلسل؟ أشك كثيرًا كثيرًا كثيرًا!!.