بقلم : طارق الشناوي
أكتب هذه الكلمة بعد أن شاهدت في اليوم الأول، عدداً من الأعمال الدرامية والبرامجية، بينما أنت ستقرأها غالباً ورصيدك من المشاهدة ارتفع إلى يومين.يطاردني هذا السؤال أينما حللت، «نشوف إيه في رمضان؟» الإجابة تخضع للنسبية، فلا توجد في التذوق الفني، أحكام مطلقة. في الأسبوع الأول على الأقل يجب أن أشاهد القسط الأكبر من الأعمال المعروضة، وأنحي جانباً ذائقتي الخاصة، الناقد قطعاً مثل كل إنسان له ذوقه الخاص، إلا أن الواجب والأمانة يحتمان عليه مشاهدة كل ما هو على الشاشات، حتى يستطيع أن يدلي بدلوه، ويحدد بعدها ما الذي يواصل متابعته بدقة؟
أطبق نظرية أطلقت أنا عليها «الفأر الذكي»، التي تعني الحصول على قضمة صغيرة من العمل الفني، وبعدها تستشعر إذا كنت ستكمل أم لا؟
الفأر في العادة بعد أن يتسلل إلى المطبخ، يبدأ في تذوق كل ما أمامه بجرعة مقننة، وبعدها ينطلق لأخذ جرعات أكثر من الطبق المفضل، عادة أنا أتقمص أسلوب الفأر، وأتمنى أن أكون ذكياً مثله.
هناك جملة كثيراً ما تتردد «براعة الاستهلال»، إنها بلغة كرة القدم ضربة البداية، من يتقنها يتمكن من إثارة شغفك وترقبك مع الطلة الأولى.
بنظرة «عين الطائر» من أعلى، ستجد أن قسطاً وافراً من الأعمال الدرامية يقع في عدد 15 حلقة، البعض يعتبرها ظاهرة إيجابية، وهي بالفعل كذلك، لو قارنتها بما كان يحدث في الماضي، ظللنا ومع انتشار الفضائيات - مطلع الألفية - خاضعين لرقم 30. صار على صُناع الأعمال الدرامية ضرورة أن يملأوا تلك المساحة البيضاء على الشاشة، بأحداث وشخصيات مفتعلة، الجهات الإنتاجية تتعامل مع هذا الرقم في البيع، لأنه يشغل كل أيام رمضان، وهكذا صار الوجه الآخر للصورة، التعبير الشائع «المط والتطويل»، رغم أن الأصل هو أن عدد الحلقات يتم تحديده من خلال ما تفرضه الحالة الدرامية.
«سمعة سيئة» ارتبطت بهذا الرقم، بسبب كثرة تراجع قيمة الأعمال الدرامية في نصفها الثاني، ورغم ذلك، هناك عدد محدود استطاع برقم 30 أن يحافظ على تدفق قاطرة الدراما.
ومع الزمن حتى رقم «15» لن يتحول إلى قاعدة، سوف يزداد أو يقل عدد الحلقات تبعاً للحتمية الدرامية.
هناك أيضاً أجزاء ثانية للعديد من المسلسلات، فما الذي يحدد ذلك؟
نجاح الجزء الأول هو الحافز لتقديم الثاني والثالث وهلم جرا، الأصل هو «القماشة الدرامية»، هل تسمح بأجزاء متتالية أم لا؟ ولا يكفي نجاح الجزء الأول، مثلما شاهدنا في مسلسلات «ليالي الحلمية» المصري و«طاش ما طاش» السعودي و«الحارة» السوري وغيرها. لدينا هذا العام العديد من مسلسلات الأجزاء مثل «العتاولة» و«المداح» و«أشغال شاقة جداً» و«جودر»، يلجأ أغلب المخرجين إلى الدفع بأدوار رئيسية جديدة للمسلسل، لضمان تدفق دماء درامية جديدة، لزيادة شغف الجمهور.
سنكتشف أن الكل صار يجري وراء حرف الجر «في»، النجم الذي يأتي بعد اسمه حرف «في» يعتبر هو «السوبر ستار» لأنه يسبق العمل الفني، اسمه في قانون المسلسلات، يضمن إقبال الناس، والقسط الأكبر من النجوم والنجمات أصابته تلك العدوى، كل نجم يتباهى أنه نال حرف «في».
ويظل السؤال يطاردني ماذا نشاهد في رمضان؟
أحتاج على الأقل إلى أن يمضي الأسبوع الأول، وبعدها ربما أملك بداية خيط الإجابة، ربما!