الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق»

الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق»

الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق»

 العرب اليوم -

الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق»

بقلم - طارق الشناوي

القوالب الدرامية لا تتغير، ثابتة منذ نشأتها قبل الميلاد، ما يمتلك مرونة الانتقال من حالة إلى أخرى، هو المحتوى الذى نضعه داخل تلك الأطر التى يطلقون عليها أيضا توصيف (باترونات)، تتعدد فيها القضايا والشخصيات برغم ثبات الشكل.

فيلم (حيوات سابقة) يمثل فكريا ووجدانيا سينما كوريا الجنوبية، رغم أنه رسميا إنتاج أمريكى ويحسب لها، تتحرك الأحداث صعودا وهبوطا فى إطار زجزاجى تسيطر اللغة الكورية على القسط الأكبر من الحوار الذى تجرى أحداثه بين كوريا وأمريكا.

من المنطقى أن نقول السينما الكورية بدون تحديد جغرافى، لأنه لا توجد سينما تعثر عليها فى أى مهرجان، تمثل الشمالية، لن يسمح النظام الشمولى إلا فقط بوجود سينما دعائية تمجد النظام، ولهذا من المستحيل أن ترى أفلاما تنتسب للشمال، صارت كلمة سينما ومهرجانات تعنى كوريا، وأصبحنا نقول فيلم كورى ونحن نعنى تحديدا الجنوب، السينما هناك استطاعت أن تقتنص فى السنوات الأخيرة العديد من الجوائز الكبرى فى كل المهرجانات، وأيضا مسابقة (الأوسكار) لأنها تسمح بمناقشة كل القضايا وبرؤية إبداعية وآخرها فيلم (طفيلى).

الفيلم يتناول بشكل أو بآخر حياة كل منا، تنويعة على زمن عشناه وكل منا له حكاية عاطفية لا تخلو منها، وهكذا المخرجة والكاتبة سيلين سونج والتى تؤكد المعلومات المتاحة أن الفيلم يقدم جانبا من حياتها فهى عاشت تجرية مماثلة، مع اختلاف التفاصيل، وبدون حتى التيقن من صحة المعلومة، فهى تدخل تحت مظلة الممكن دراميا.

(الزوج والزوجة والعشيق) أشهر ثالوث درامى تعارفنا عليه طوال الزمن، ومن الممكن أن يصبح عشيقا أو عشيقة، الصراع عابر للثقافات وحدود الجغرافيا، مع اختلاف الدرجة ولكنه الأكثر تداولا، وفى العادة يصبح صراعا دمويا ينتهى بقتل أحد طرفى الصراع أو بمأساة للجميع.

المعالجة التى كتبتها المخرجة تميزت بهذا الحس الفكاهى الذى يميل أكثر لقالب الكوميديا وروح المداعبة، وفى نفس الوقت لم يتجاهل المعاناة العاطفية، خيط دقيق جدا أمسكت به المخرجة، كل التفاصيل تذهب بنا إلى هذا السقف، فهو يحاول الابتعاد عن الاستغراق فى الإحساس بالمأساة التى يعيشها الأبطال الثلاثة، حتى لو غلفها بحس كوميدى، إلا أنه لا يتوقف عن تقديم رسائل إنسانية ليورط المتلقى بين الحين والآخر ليجد نفسه طرفا فى الحكاية، المخرجة موقنة أن جمهورها عاش حكاية مماثلة ويريد أن يرى نفسه على الشاشة.

فى (نيويورك) يجرى القسط الأكبر من الأحداث، لحظات لنتعرف على حال البطلة الشابة الناضجة ثم نعود إلى كوريا فى (سول) وهى مراهقة، وهكذا تتداخل حدود الزمان والمكان، (رايح جاى) حب الطفولة والمراهقة بكل ما تحمله من مشاعر نقية ومثالية، تهاجر البطلة مع أسرتها بعد أن غيرت اسمها إلى (نورا) وتقع فى حب شاب أمريكى، ليعود الماضى مجددا لحبيبها الأول الكورى عن طريق التواصل الاجتماعى (سكايب) لتبدأ الرحلة.

وتتعدد الأسئلة التى تطرح علينا بطريقة غير مباشرة، هل الزوجة تحب زوجها؟ الإجابة من خلال الفيلم هى نعم، هل نظل كما كنا فى الماضى بكل مشاعرنا السابقة، أم أننا بالضرورة نتغير، هل من الممكن أن تسقط للأبد نظرية شادية (القلب يحب مرة/ ما يحبش مرتين)، ونتجاهل البيت الأشهر للشاعر عمر ابن أبى ربيعة (نقل فؤادك حيث شئت من الهوى/ وما الحب إلا للحبيب الأول).

السيناريو لا ينفى بقاء شظايا الحب الأول برغم أن الإنسان يكبر ليس فقط فى عمره الزمنى، لكن تتغير أيضا عواطفه، المخرجة نسجت السيناريو ليبقى الحب كما هو يضاف له حب آخر يأتى بعد مرحلة النضوج.

فى اللقاء الثلاثى بين الزوج والزوجة والحبيب القديم يتبادل الثلاثة الحوار، الذى يفهم منه الزوج فقط ما هو بالإنجليزية، وعندما تتوقف البطلة عن الترجمة نرى عتابا مشتركا بالكورية.

هو لايزال يبحث عن شريكة حياته الكورية التى أحبها فى مرحلة الشباب، لكن يعانى من ظروف اقتصادية لا تمكنه حتى الآن من استكمال الارتباط، يعتب على حبيبته السابقة، وتعتب هى أيضا عليه، ولكن الحب ليس هو فقط الوسيلة المضمونة والوحيدة للارتباط، هناك أشياء الأخرى، كل منهما مستقر فى حياته الجديدة، رغم أن الحب القديم لم يمت.

انتقلا من المطعم حيث شاهدنا ردود فعل الزوج التى يعبر عنها بتلك النظرات التى تحمل الدهشة أحيانا والرفض أحيانا، بينما الزوجة و(الحبيب الأول) يتعاتبان على الماضى ومن هو المخطئ، تمنح المخرجة مساحة لكل منهما، ليعبر عن مشاعره، ليصعد السؤال المنطقى، لو أرادت الزوجة أن تطلق الأمريكى وتتزوج الكورى القرار بيدها ولكن عمق الدراما يقف في مرحلة أخرى وهى مناقشة صدق العواطف وثباتها.

عندما ذهبت لوداعه تركت المخرجة مساحات من الصمت بينهما تتولى العيون الكلام، ويبدأ المشاهد أيضا فى ملء هذا الصمت، تؤكد النظرات واستغراقها الزمنى وثبات الكاميرا، أن الحب لايزال ساكنا فى المشاعر ولكن هناك أيضا لكل من بطلى الحكاية حب آخر والتزام آخر، الحاضر به الحب أيضا الذى يعيشه كل منهما فى عالمه الجديد يفرض عليه أن يضحى بالماضى، وهكذا من الممكن أن نفهم مغزى العنوان (حيوات سابقة) لأننا نعيش فعلا عندما نحب أكثر من حياة.

الحكاية تتداخل فيها كل الأطياف والأفكار وأنت كمتلقٍ طرف إيجابى فيها، ليست فقط حكاية المخرجة، بشكل أو بآخر حكايتنا تورطنا فيها، السينما ليست حكاية ولكن كاميرا تنقل ما وراء الحكاية بنعومة وصدق، وهذا هو سر وسحر هذا الفيلم. شاهدت مساء أمس الأول فيلم (جولدا) الذى كان هو الحدث الأبرز بكل تفاصيله ورسائله، ليقدم وجها آخر لجولدا مائير وحرب أكتوبر وكيف مرت تلك الأيام فى إسرائيل، والخوف الهستيرى الذى سيطر على القيادات العسكرية هناك، وهو ما يستحق أن نتابعه بكل تفاصيله فى الغد!.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق» الثالوث الدرامي بعد التعديل «زوج وزوجة وشبه عشيق»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة

GMT 01:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف مناطق إسرائيلية قبل بدء سريان وقف إطلاق النار

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab