«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»!

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»!

 العرب اليوم -

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»

بقلم - طارق الشناوي

السينما العربية فى المجمل بخير، رغم تراجع الاهتمام الرسمى، وهبوط سقف المسموح، وحالة الرقابة التى لا تكف عن التوجس حتى فى المسلمات، رقابة تبحث عن (إن)، ترى أن أى عمل، خاصة لو سافر خارج الحدود، فهو فى النهاية كانت لديه (إن) أدت لحماس المهرجان الدولى لعرضه رسميًا، ولا تعترف أبدًا بأن الفن الجميل يفرض نفسه بكل لغات العالم، ولا توجد بالضرورة (إن) الساكنة دومًا فى أعماق الرقيب.

ودعنا قبل 48 ساعة مهرجان (مالمو)، بالسويد، فى دورته الرابعة عشرة، المخرج محمد قبلاوى، رئيس ومؤسس المهرجان، حريص باختياراته على أن يصبح هو (مهرجان المهرجانات للسينما العربية)، لم يلجأ مثلًا إلى لجنة اختيار لكى يرشح هذا الفيلم أو يستبعد الآخر، فقط وقع اختياره على الفيلم العربى الذى تمكن من الحصول على جائزة عالمية، أو شارك فى مهرجان معترفًا به، وفى النهاية هناك عين سوف تختار الأجمل- أقصد لجنة التحكيم.

كثيًرا ما أتعرض لهذا السؤال، ما هى دلائل نجاح العمل الفنى؟، أول الأسرار أن تجد نفسك مدفوعًا لكى تشاهده مجددًا، ولا تكتفى أبدًا برؤية واحدة، وهذا هو بالضبط ما حدث لى مع الفيلم الأردنى (إن شاء الله ولد)، إخراج أمجد الرشيد، بعد انتهاء عرضه لأول مرة بمهرجان (كان)، فى قسم (أسبوع النقاد)، وجدت نفسى أبحث- برغم ضيق الوقت- عن الموعد الثانى للعرض، المهرجان متخم بعشرات من الأفلام المهمة، إلا أن هناك العديد من التفاصيل فى المعالجة السينمائية التى يحملها الشريط، تدفعك للتفكير فى المعضلة التى يتصدى لها، فهى تثير بقوة العديد من القضايا الملحة اجتماعيًا، كما أنها تنير لنا أيضًا الطريق للتأمل. رغم كل المعوقات التى تواجه السينما العربية، مع اختلاف الدرجة، إلا أن هناك عددًا من المبدعين، صاروا قادرين على إثارة الدهشة فى العالم، من خلال مشاركتهم فى كبرى المهرجانات، لا يكتفون فقط بشرف الحضور، ولكن كثيرًا ما يتم تتويج الفيلم بأكثر من جائزة، تكتشف أن عددًا من الجوائز نالها أيضًا وهو مجرد مشروع سينمائى، على الورق، وعن طريق هذا الدعم المسبق للشريط استطاع المخرج إنجاز الفيلم، تتعدد فى العالم مصادر التمويل، والمبدع يستطيع من خلال موهبته أن يجد من يحيل حلمه إلى فيلم.

(إن شاء الله ولد)، نال جائزتين (جان فونديشن)، والثانية (ريل دور)، بعد مشاركته فى قسم (أسبوع النقاد) بمهرجان (كان) السينمائى، وانطلق بعدها لأكثر من مهرجان عربى وعالمى، حتى وصل إلى (مالمو) وتوج بدائزة أفضل ممثلة (منى حوا).

الشريط السينمائى به مساهمات إنتاجية من صناديق عربية، مثل: ملتقى القاهرة السينمائى، ومهرجان البحر الأحمر، ومؤسسة الدوحة، وتلك أصبحت واحدة من ملامح الإنتاج فى العالم كله، تتعدد المساهمات المالية، مثل (مركز السينما العربية) للباحث السينمائى علاء كركوتى، كما أن هناك مشاركة إنتاجية مصرية من شاهيناز العقاد، بينما مونتاج الفيلم لأحمد حافظ، ومدير التصوير كانيمى اونا ياما، الذى حصد فيلمه (كل شىء كل مكان فى نفس اللحظة) على جائزة الأوسكار. الفيلم يتناول بنعومة وذكاء وأيضًا إبداع موقف الشريعة الإسلامية من الزوجة التى تعول ابنة بعد رحيل زوجها، وحق العم الذى ينازعها الميراث- لا يتجاوز شقة الزوجية- بحجة أنه يتكفل برعاية ابنة أخيه، رأيناه لا يعنيه شيئًا فى الدنيا سوى حقه فى الشقة، حتى لو طرد أرملة أخيه وابنتها إلى الشارع. محاور متعددة قدمها المخرج أمجد الرشيد، المشارك فى كتابة السيناريو، بما فيها علاقتها الملتبسة مع الزوج، ونظرة المجتمع للمطلقة، السيناريو يفتح العديد من الأقواس ويتركها، ثم يعود إليها ليغلقها، ليفتح أقواسًا جديدة، وحتى نهاية أحداث الفيلم، لم يغلق كل الأقواس. لا توجد أحداث مجانية، بما فيها تسلل الفأر للمطبخ الذى ينتهى بالتخلص منه، تأجيل الحسم يشبه تمامًا ما حدث للبطلة فى مواجهة أبسط الأشياء التى تتعرض لها، فهى أيضًا كانت مترددة تؤجل الحسم. شاهدنا الزوج فقط فى المشهد الأول، والزوجة التى أدت دورها بإبداع «منى حوا» تطلب منه المعاشرة بعد أن أخبرها الطبيب بأن اختيار التوقيت فى أيام محددة (التبويض) يزيد من فرص الحمل، كانت تريد شقيقًا أو شقيقة للبنت، أقرب إلى تأدية واجب بغرض محدد الإنجاب. الفيلم يقدم الموت ببساطة، ليستطيع أن يناقش مباشرة قضيته، ولم يستغرق كثيرًا فى طقوس الحزن، قدم ما هو متعارف عليه كموقف متزمت للأرملة، من خلال نظرة تتدثر عنوة بالدين، البساطة فى تقديم مراسم الموت، والقفز بسرعة على أحزان الطفلة، كان المقصود به تهيئة كل الأطراف لمناقشة القضية الرئيسة. موقف الشريعة، ليس فى الحقيقة موقفًا قاطعًا للشريعة، بقدر ما هو تفسير قاصر لها. وهذا يجيب عن سؤال: لماذا صفق الناس فى دار العرض عندما اكتشفوا دراميًا أن البطلة حامل، وكأنهم يقولون معها (إن شاء الله ولد) حتى تنتهى مشكلة الميراث، رغم أننا فى بعض الأعمال الدرامية تابعنا أن إنجاب الولد لا يكفى لإغلاق تلك الصفحة؟.

الفيلم يقترب من المرأة حتى فى ضعفها البشرى بعد رحيل الزوج، كما أنه يقدم عائلة مسيحية تشارك البطلة كمعالج طبيعى للجدة العجوز، ونرى العكس، الزوجة المسيحية تسعى للإجهاض، لأنها لا تريد أن يربطها طفل بزوجها (زير النساء)، وتأخذها بطلة الفيلم إلى طبيب يجرى عملية الإجهاض، وعلى باب العيادة نرى يافطة (مغلق للصلاة)، بينما هو يجرى عمليات الإجهاض المخالفة قطعًا للشريعة، أراد المخرج فضح هذا التناقض، مع من يعتبرون الدين مجرد حالة طقسية.

المخرج الموهوب أمجد الرشيد فى بناء السيناريو ينتقل بسلاسة من واقعة الموت إلى المعاناة، وأيضًا اكتشافها أن الزوج كان يستخدم أحيانًا واقيًا ذكريًا وجدته بين ملابسه. الرقابة الأردنية وافقت على السيناريو والشريط السينمائى ممثلًا للمملكة فى (كان) وفى كل المهرجانات المماثلة، وهذا ما يؤكد على سعة الأفق، رغم هذه الجرأة التى حملها الفيلم، والتى يناصبها العداء قطعًا كل التيارات الإسلامية المتعصبة. تميز المخرج بقدرته على ضبط الإيقاع، كما أنه عرض قضيته الشائكة بإمتاع وخفة ظل، بعيدًا عن (الكليشيهات) المتعارف عليها، لتكتب السينما الأردنية صفحة مشرقة فى تاريخها، عندما اتحد الجمهور مع بطلة الفيلم فى المشهد الأخير (إن شاء الله ولد)!.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو» «إن شاء الله ولد» صرخة رددها الجمهور فى «مالمو»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab