صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

 العرب اليوم -

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت

بقلم - طارق الشناوي

أكثر من 10 سنوات، وصلاح السعدني مبتعد عن الملعب الدرامي والأضواء، مكتفياً بما حققه من إنجاز جماهيري عربي، على مدى مشوار تجاوز نصف قرن.

الدراما التليفزيونية ملعبه الأثير، مع لمحات قليلة على خشبة المسرح وأمام كاميرا السينما، إلا أن هذا الحضور في البيت عبر شاشة التليفزيون، مع مطلع الستينات كان هو الأعمق.

جاء خبر الرحيل مفاجأة صادمة، حتى لمن كانوا يدركون أن صلاح ليس في حالة صحية جيدة تؤهله للتفاعل، مع الدائرة المحيطة به، والابتعاد قرار حتمي، ولا رجعة فيه، أقصى ما استطاع أحمد السعدني تحقيقه بسبب كثرة الشغف والأسئلة، أنه التقط لوالده صورة نشرها قبل بضع سنوات على صفحته، قطعاً عشاق صلاح كانوا طامعين فيما هو أكثر، أن يستمعوا مثلاً إلى صوته، وهو يداعبهم بحواره الشيق، على طريقة (العمدة سليمان غانم) في «ليالي الحلمية»، من الواضح أن تلك اللقطة هي آخر ما سمحت به وقتها حالته الصحية.

مع الزمن يتبقى من الفنان رصيده الإبداعي على الشاشات، وأيضاً مواقفه وآراؤه المسجلة.

ارتبطت بعلاقة دافئة مع صلاح، إلا أنه بمجرد أن قرر الابتعاد، لم أحاول طرق الباب ولو بمكالمة تليفونية، احترمت حقه في الاختيار، واعتبرتها خصوصية، ولو أنه أراد التواصل معي أو غيري لفعلها.

تبقى بداخلي صورة ذهنية كانت وتظل مصاحبة لصلاح، أراه دائماً، إنساناً متسامحاً مع كل تفاصيل الحياة، التي تمنح كلاً منا في مجاله قدراً من النجاح، أحياناً نجد تفسيراً علمياً ومنطقياً للتحليل، الذي كان من نصيب البعض، وفي أحيان أخرى تعوزنا القدرة على التقاط الأسباب، هناك دائماً عامل غير مقنن، ولا تستطيع وأنت موقن الوقوف على أسبابه الموضوعية، لأنه يتجاوز الإمساك بكل تفاصيله، إنها منحة إلهية.

بين الحين والآخر كان صلاح يواجه في «الميديا» بهذا السؤال، الذي أراه سخيفاً، أنت بدأت المشوار تقريباً مع عادل إمام، وجمعكما فريق التمثيل نفسه بكلية الزراعة، فكيف سبقك بخطوات بعيدة، وصار له حضوره الاستثنائي في العالم العربي؟ اعتبر البعض في توقيت ما أن عادل من مصادر العملة الصعبة، مسرحه كان يستقبل مئات من الخليجيين كل أسبوع، الذين يحددون موعد ذهابهم لمصر مع موعد فتح ستار المسرح؟

سؤال بقدر ما يقدم حقيقة كنا نلمسها، إلا أنه يفتقد اللياقة، في العادة تسفر مثل هذه الأسئلة عن ردود فعل غاضبة، وفي الوقت نفسه يبدأ الفنان في العثور على مبررات، خارج النص، مثل الظروف والعلاقات العامة وانحياز السلطة وانهيار الذوق العام وغيرها، مردداً قول الشاعر الشعبي «سوق الحلاوة جبر... واتقمعوا الوحشين»، وهو قطعاً حلاوة بزيادة، بينما الآخرون هم عنوان القبح، ومن الممكن أن يعيد تفسير عدد من الوقائع التي تعزز موقفه، وغالباً أيضاً ما يعثر على دائرة واسعة تقتنع بوجهة نظرة التي تلقي كل الإخفاقات على كاهل كل العناصر الخارجة عن إراداته، شيء واحد لن يقترب منه، هل حجم موهبته وحضوره يساوي ما يمتلكه منافسوه.

صلاح كثيراً ما يجيب بهدوء، ولا يبدي امتعاضاً، وبين الحين والآخر، يفضفض معي تليفونياً في عشرات التفاصيل حول تلك المعضلة، وغيرها، كان رأيه أن الموهبة لا تظلم، وأن الله منح كل إنسان نصيبه من الحضور، وبهذا مثلاً يرى أن ما حققه عادل إمام هو نتاج عادل جداً لحجم موهبته وحضوره، التي تتفوق على موهبة صلاح وحضوره.

لم يتعود طوال رحلته أن يدخل في معارك يشترط فيها للموافقة على العمل الفني كتابة اسمه بطريقة محددة، ولم يقل أنا الأول سابقاً الجميع، كان مدركاً أن الناس هي التي تحدد ترتيب الأسماء، وأن منتجي الأعمال الدرامية يعرفون حجم موهبته وحضوره، ومن صالحهم أن يضعوا اسمه في المكان والمكانة التي يستحقها.

صلاح بقدر ما صالَح الحياة، صالَح أيضاً الموت، كان مدركاً أن كتاب الحياة يوماً ما ستنتهي صفحاته، لتبدأ بعدها قراءة كتاب آخر، لا تنفد كلماته، إنه كتاب الإبداع، صلاح مبدع أمام الكاميرا، وفي قراءته للحياة بكل أطيافها، قرر قبل عشر سنوات أن يصبح الابتعاد وكأنه «بروفة» للموت!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلاح السعدني صالَح الحياة والموت صلاح السعدني صالَح الحياة والموت



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 العرب اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab