بقلم : مشعل السديري
يطلق الأتراك على شهر رمضان المبارك، اسماً جميلاً لم يسبقهم به أي شعب من الشعوب، وهو اسم: «سلطان الشهور».
وإذا كانت الطقوس الرمضانية تختلف من دولة لأخرى، فإن تركيا تتميز ببعض العادات والتقاليد خلال الشهر الكريم، فمع إعلان رؤية هلال رمضان ترفع المساجد لافتات ضوئية تحمل عبارات الترحيب بشهر الصوم، ويطلق عليها اسم (محيّا، mahya) وهي عادة توارثها الأتراك جيلاً بعد جيل – «وعلى فكرة كلمة (المحيّا) هي كلمة عربية صميمة، ولا يوصف بها إلاّ الجميل، كأن يقال إنه (طلق المحيّا) وهذا الجمال ينطبق على شهر رمضان» - وتحرص الأسر التركية وبعض الجمعيات والأوقاف الخيرية على إعداد موائد الإفطار التي تنتشر في غالبية الأحياء والشوارع في مشهد يعكس كثيراً من دلالات الكرم والتواصل في ظل روحانية الشهر الفضيل، ولكن ما أشهر الأطعمة المقدمة في رمضان، سواء على موائد الإفطار العامة أو داخل البيوت؟
تحظى (الشوربة التركية) بحضور لافت وتتصدر مائدة الإفطار في كل مكان، ومن أشهر الأطباق حضوراً على المائدة الرمضانية فطائر (بيدا) وكفتة (داود باشا) التي ترتبط بعادة طريفة من الأسر، وهي وضع خاتم ثمين داخل إحدى حبات هذه الكفتة، ويتسابق الجميع وقت الإفطار على أن يكون الخاتم من نصيب أي منهم بتناول مزيد من حبات الكفتة، أملاً في العثور عليه، وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا أنسى أنني كنت في أحد الأعوام في تركيا برفقة أحد الأصدقاء، وحل علينا شهر رمضان ونحن هناك، وذهبنا لأحد الإفطارات الجماعية – وبما أن صديقي ذاك كان عكسي تماماً، فقد وهبه الله (ضخامة مفرطة) وشفاحة بالأكل مثلها، أما حبه للمجوهرات فحدثوا ولا حرج – وطاح (بالكفتة) وكأنه يخوض معركة حامية الوطيس، إلى درجة أنه (انبشم) وتمدد، ومن سوء الحظ أو حسنه أنه لم يعثر على الخاتم.
وفي منتصف الفترة بين وقتي الإفطار والسحور جرت العادة على تناول وجبة تكون من الأطعمة نفسها، التي كانت حاضرة في مائدة الإفطار، وغالباً ما يدعو الأقارب والأصدقاء بعضهم بعضاً لتناول هذه الوجبة معاً، كما يتبادل الجيران أطباق الطعام وسط أجواء من الألفة والمحبة.
أما وجبة السحور فتتكون غالباً من المعكرونة وبعض الحلويات؛ مثل: الأرز بالحليب، والمربيات، مثل مربى المشمش، والزيتون، والجبن الأبيض، والتمر المجفف، وبعض الفطائر، ومع إطلاق مدفع الإمساك إيذاناً ببدء يوم صيام جديد، يرفع الجميع أكف الضراعة إلى الله بالدعاء بأن يوفقهم إلى الصيام على الوجه الذي يحبه ويرضاه