بقلم - مشعل السديري
أعترف أنني في أكثر مقالاتي أعزف على وتر (المتناقضات) في هذا العالم، وقبل أن أدخل في صلب الموضوع اقرأوا معي هذين الخبرين بدون تعليق:
الأول: رفض رجل أعمال ثري في بريطانيا عرضاً بقيمة 9.3 مليون دولار لشراء لوحة رقم سيارة مكتوب عليها F1، وكان (أفضل خان) قد اشترى اللوحة التي تحمل F1 عام 2008 بما يزيد على 685 ألف دولار، والآن زادت قيمتها 13.5 مرة.
والثاني: ذكر مالك لإحدى الشقق في برج خليفة أنه أجر شقته لرجل أعمال لبناني بـ 70 ألف درهم وذلك لليلة واحدة في (رأس السنة) عام 2019، حيث ينوي رجل الأعمال إقامة الحفلة في هذه الشقة. وقال رجل الأعمال إن الاحتفالات التي يمكن مشاهدتها من برج خليفة والألعاب النارية خلال هذه المناسبة تستحق دفع هذا المبلغ، مضيفاً أنه لا يعتقد أنه صرف أكثر من اللازم، وأن شبكة العلاقات التي سيبنيها مع ضيوفه الذين اختارهم على (الفرّازة) – حسب تعبيره - تزيد على ما سيصرفه (بألف ضعف) مما دفعه لإيجار الشقة.
والآن اسمحوا لي أن أبدأ بالعزف (النشاز):
في بيان للبنك الدولي لفت إلى أن ما يدلل على اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، هو أن هناك 1.3 مليار شخص ما زالوا غير قادرين على الحصول على الكهرباء، كما أن هناك مليار شخص يتضورون جوعاً كل يوم، ونحو 900 مليون شخص ما زالوا محرومين من مياه الشرب الآمنة والنظيفة، وأكثر من 2.5 مليار شخص يعدمون سبل الحصول على الصرف الصحي.
هل تعلمون أن أكثر من (مليار) طن من المواد الغذائية تهدر كل سنة في العالم، ما يكلف نحو 750 مليار دولار بحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، وأن الهدر الشديد للمواد الغذائية يؤثر كثيراً على الأمن عموماً والأمن الغذائي خصوصاً؟!
وبالمقابل المتناقض: هل تعلمون أن هناك طفلاً هندياً عمره خمسة أعوام يعيش على حليب الكلاب منذ ثلاثة أعوام ليتمكن من العيش، نتيجة للفقر الشديد لعائلته غير القادرة على توفير الطعام لصغارها؟!
الغريب في الأمر أن الكلبة (الأم) تعامله كما لو أنه رضيعها، ولا تهاجمه أو تهرب منه، وإنما تنتظر حتى ينتهي من الرضاعة.
وقال الطفل (نشوتو) لشبكة (إن بي إس) الإخبارية إنه لا يجد طعاماً للأكل، مضيفاً أنه أصبح مع الوقت يحب حليب الكلاب – انتهى.
يا لهذا العالم (العادل)، الذي يلجئ الإنسان الى شرب حليب الكلاب!!