بقلم - مشعل السديري
قام مليونير بريطاني مجهول بالمشي في شوارع لندن وإهداء كل شخص من الذين يصادفهم عشوائياً ألف جنيه، تاركاً مع المبلغ بطاقة تطلب ممن يتسلم المبلغ أن يصرفه في شيء (مفيد)، وذلك بعد أن حصل على ثروة ضخمة مفاجئة في عام 2010، وكان ينوي في البداية أن ينفق 400 ألف جنيه في رحلة سياحية، لكنه بعد تفكير عدل عن الفكرة وألغى رحلته ووعد باستخدام هذه الأموال لأهداف نبيلة.
والمؤسف أن 95 في المائة من الذين تسلموا عطيـته، توجهوا للبارات وصرفوها فيها، ويقال إن كل من كان يمر في تلك الليلة الصاخبة على البارات، لا يسمع سوى الموسيقى والضحكات و(الدبيك).
وبفكرة مماثلة وبسيطة وأكثر جاذبية تمكن أميركيان من زرع الفرحة في قلوب مئات من أبناء مدينة بوسطن، وذلك بتخبئة أموال في أنحاء الولاية وحث الناس على إيجادها.
بدأت الفكرة عندما قرر الصديقان ستيف غرانت وريتشارد كوك تخبئة أوراق نقدية من فئة العشرين دولاراً في أماكن مختلفة، ونشر معلومات عن المكان السري على بعض مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر. وتحولت الفكرة البسيطة إلى مؤسسة تدعى (باينتي أو توينشيز) حققت انتشاراً واسعاً بين سكان المدينة، وما زالت الفكرة تمارَس كل سنة في نفس الوقت، وحيث إن فئات المبالغ المخبأة معقولة ومقدور عليها، فتهافت المتبرعون على تنفيذها لإسعاد الآخرين، إلى درجة أن أدوار المتبرعين وصلت حتى الآن إلى 50 سنة قادمة.
ويمكن لأي إنسان أن يعمل المعروف ويدخل البهجة في نفس غيره، بطريقة بسيطة وغير متوقعة، مثل شرطي المرور الأميركي حين أوقف سائق سيارة، بسبب قيادتها بلوحة منتهية الصلاحية، وقرر إعطاءه مخالفة بـ(100) دولار، فقال له السائق: ليس لديً أي عذر إلا أنني لا أملك المال، فإما أطعم أولادي أو أدفع بدل التسجيل، فما كان من الشرطي الطيب إلا أن رحمه وأشفق عليه وأعطاه بطاقة مخالفة وفي داخلها 100 دولار، على أن يسدد بها المخالفة، فهو أراد أن يطبق النظام ولا يخالفه، وفي نفس الوقت يساعد الرجل بطريقة إنسانية.
غير أن الرجل للأسف (لعب الفار بعبه) مثلما يقولون، ولم يذهب ويسدد المخالفة بالمبلغ الممنوح له، ولكنه توجه إلى أقرب (بار) وفرتك أبو جدها على كؤوس الراح.
وحيث إن الله (يمهل ولا يهمل)، فقد أُوقِفَ في حاجز مرور آخر ووجدوه لم يسدد المخالفة، وكان فوق ذلك (سكران طينة)، فضاعفوا مبلغ الجزاء عليه.