بقلم - مشعل السديري
في أوائل مطلع القرن العشرين هزّت برلين سلسلة جرائم تكاد تكون الأولى من نوعها وبشاعتها، وكان بطلها هو السفاح الألماني الشهير كارل غروسمان، وكان يُلقب بجزار برلين أو بائع لحوم النساء.
وقد ولد في عام 1863، وكان يعمل جزاراً، وشارك في الحرب العالمية الأولى، ثم مارس جرائم القتل وبيع لحم البشر.
وقد ذكروا عنه أنه كان يجلب البغايا إلى مسكنه ثم يشرب الخمر مع الواحدة منهن، ثم يقتلها ويقطعها ويبيع لحمها على عربة يسوقها بيده، زاعماً أنه لحم بقر أو خنزير.
كان كارل يختار معظم ضحاياه من البغايا الجميلات ويقتادهن إلى منزله، وكان يصطحب بعضاً منهن من جملة القادمات من محطة سيليزيا بالعاصمة برلين، فقد كانت له متعة غريبة في ذبح ضحاياه، ثم تقطيع أجسادهن بوحشية متناهية، ثم يصنع منها النقانق (السجق) واللحم المقدد، ثم يحمله في العربة ويطوف بها أرجاء المدينة يبيع هذا اللحم «اللذيذ»، فتتهافت المجاميع من الناس على شرائه بجنون منقطع النظير، وتركوا الجزارين في دكاكينهم ينشون «الذبّان» ويلطمون، بل إن بعضهم أعلنوا إفلاسهم.
وذات يوم سمع مالك العقار الذي يسكن فيه غروسمان وبعض الجيران صوت شجار وصراخ واستغاثة داخل شقته فقاموا بإبلاغ الشرطة، فلما جاءت الشرطة اقتحمت الشقة لتجد فتاة مذبوحة ممددة على سرير على وشك أن تُقطع، ووجدت أيضاً بقايا ثلاث جثث أخريات، قبض عليه وحكم عليه بالإعدام، ولمّا علم كارل بالحكم جعل يضحك، ولم يدل للشرطة بأي اعترافات على جرائمه، بل أصرّ على الضحك، وقد ظلت دوافعه إلى تلك الأفعال الإجرامية غير معروفة إلى حد كبير.
وقد ذكروا أنه كان يتخلص من عظام ضحاياه وما لا يصلح للأكل من أجسادهن بإلقائها في نهر قريب من منزله، وقد قدرت المباحث الألمانية أن عدد النساء اللاتي عثر على آثارهن في منزل كارل تجاوز 50 امرأة شابة كلهن قد اقتادهن كارل إلى شقته، وانتهى بهن المطاف إلى قتلهن وتقطيع أوصالهن.
وفي 5 من شهر يوليو (تموز) 1922، أدين كارل غروسمان بتهمة القتل عمداً، وحكم عليه بالإعدام، وقبل أن يتم تنفيذ الحكم عليه، بادر كارل بشنق نفسه في سجنه، ووجدوه معلّقاً من رقبته في زنزانته.
الغريب أنه بعد إعدام غروسمان، توقف الناس عن شراء اللحوم الطبيعية، مقارنة بلذة اللحوم التي افتقدوها، والتي كان يبيعها ذلك المجرم، خصوصاً النقانق منها والسجق واللحم المقدد.