بقلم -مشعل السديري
ونحن في بداية هذا الشهر الفضيل، قررت أن أربط عفاريتي وأمتنع بقدر ما أستطيع عن أي تعليقات ساخرة أطرحها في مواضيعي (التافهة) كالعادة، والله على كل شيء قدير، وخير ما أبدأ فيه:
(يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)، صدق الله العظيم.
الصوم في الإسلام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وإنما أيضاً نبذ القبيح من الأعمال والأقوال والابتعاد عن الشهوات.
وكُتب الصيام كذلك على أتباع موسى وعيسى عليهما السلام، كما أنه متعارف عليه عند المذاهب الوضعية كالهندوسية والبوذية وما شابههما وعارضهما كذلك، والأعجب من صيام البشر، هو الصيام في عالم الحيوانات والطيور والأسماك والحشرات.
فالأسد يجب عليه الصيام يوماً في الأسبوع للتخلص من حمض البوليك السام المضرّ لجسمه لأنه لا يأكل سوى اللحوم. وسمك السلمون يسافر 1600 كيلومتر في رحلة عودته إلى موطنه الأصلي ليقوم بعملية الإباضة، وفي هذه الفترة يصوم لكي لا يثقل ويبقى رشيقاً وخفيف الوزن ليسهل عليه السفر والهرب من أعدائه. والدببة والسناجب تدخل في سبات مدته 8 أشهر وتستمر هذه الفترة بالصيام حتى عودة فصل الصيف، وتستمد الطاقة بدلاً من الأكل من (الشحوم) المتكدّسة والمخزّنة في أجسادها – ويا ليت بعض البشر الذين تشبه أجسادهم أجساد الدببة يقتدون بها في ذلك الصيام العجيب.
بل إن (الشمبانزي)، وهو أكثر كائن قريب الشبه من الإنسان عقلياً ونفسياً بل وشكلياً، يفرض قائد المجموعة إذا كانت في السهول وأرادت أن تصعد إلى قمم الجبال، أن تصوم عن الأكل طوال تلك المدّة التي تمتد إلى أيام وأحياناً إلى أسابيع.
أما بالنسبة للبشر فأطول مدة صيام للمسلم هو الذي يكون في (فنلندا)، فعليه أن يصوم (23) ساعة وفوقها (5) دقائق كذلك.
أما أقصر مدّة صيام، فهي في بلدة (وكان) بسلطنة عُمان الشقيقة – حيث تشرق الشمس فيها نحو الساعة (11) صباحاً، وتغرب عند الساعة (2.30) ظهراً.
وقد ذكرتُ هذه المعلومة قبل أسبوع لأحد أصدقائي، ونحن نتحدث عن قدوم شهر رمضان المبارك وتفرقنا بعد ذلك.
المهم أنني بالأمس القريب تلقيت اتصالاً من تليفونه الجوال، وما إن رددت عليه، حتى سألني: (حزّر فزّر أنا فين؟!)، فقلت له: أكيد في بيتك. وتفاجأت به يقول لي وهو يقهقه: إنني في (وكان) يا باشا، وأشوفك إن شاء الله بعد شهر. ولم أملك إلاّ أن أصيح: (أفا يا ذا العلم)!