بقلم - مشعل السديري
ارتفع بعيني المهندس السعودي حسين بحري، القائم على إدارة «جمعية الوداد» المختصة في رعاية الأطفال الفاقدين لتلك الرعاية، أي (مجهولي الأبوين)، وسلمت الجمعية خلال أزمة «كورونا» حتى الآن 21 طفلاً وطفلة للأسر التي تتبناهم.
ويقول المهندس حسين: إن أهم شرط نتمسك به، هو شرط الإرضاع الطبيعي، حتى يكون هناك حاجز شرعي بعد البلوغ، وبالتالي يكون للطفل أم وأب وإخوان بالرضاعة.
وفي كل بلاد العالم هناك أمهات تخلين عن (ضناهن) لأسباب عديدة يطول شرحها، وذهب هؤلاء الأطفال (المرميون) ضحايا الجوع أو الموت أو الضياع أو الملاجئ.
وقد لاحظت ألمانيا ذلك رغم أنها ليست من أكثر الدول التي تعاني من هذه الظاهرة، لكنها وضعت في كل مدينة كبيرة مبنى فيه (حاضنة إيداع) للأطفال الرضع المتخلى عنهم، بعناية بعيداً عن الأنظار، وبأحرف كبيرة أعلى المبنى كتب الهدف من ورائه لإعطاء الخيار للأمهات اليائسات للتخلي عن مواليدهن بطريقة لا تكشف هويتهن.
وخبئ سرير دافئ بأغطية ذات ألوان مبهجة خلف الحاضنة التي بمجرد وضع الطفل بداخلها، فإنه ليس من الممكن إعادة فتحها، ثم يخطر جهاز إنذار الطاقم الطبي الذي يتحقق أولاً مما يجد داخل السرير الصغير عن طريق الكاميرا (ولا أحد من شاف ولا أحد من دري).
ويعطى للطفل الحق في معرفة أمه البيولوجية، بمجرد أن يبلغ 16 عاماً.
وفي بعض البلاد العربية والإسلامية، يوضع الأطفال في العادة عند أبواب أو درج المساجد، بل إن بعض الأمهات الشريرات لا يتورعن عن قذف أطفالهن في حاويات الزبالة، وكان أولى أن يكون العكس، لأن الطفل يظل طاهراً نقياً مهما كانت أمه ومهما كان أبوه، ومهما كان فعلهما الدنيء.
والتخلي عن الأطفال ليس في وقت الولادة فقط، ولكن حتى في أعمار متفاوتة، ولكي (امعص) قلوبكم قليلاً؛ إليكم هذه الواقعة الحقيقية التي (معصت) قلبي:
أنقذت كلبة طفلاً صغيراً عمره عام ونصف العام فقط من الموت في (شيلي)، وذلك بعد أن أرضعته بعدما تركته أمه التي تدمن شرب الخمر، شريداً في ورشة ميكانيكا.
وقد تم العثور على الطفل وهو يرضع من الكلبة، عن طريق أحد قاطني هذه المنطقة المهجورة، وقام على الفور بإبلاغ شرطة المدينة التي جاءت واصطحبت الطفل معها لمستشفى قريب للكشف عليه، وكان في حالة سيئة من القذارة والهزال والمرض - انتهى.
سؤالي المتزلزل هو: أيهما أرقى؛ الإنسانة الحيوانية، أم الكلبة الإنسانية؟!