بقلم - مشعل السديري
عندما نشرت مقالتي يوم الثلاثاء الماضي بعنوان: (أرجوكم المعذرة)، وهي تتحدث عن الزواجات (المتفلتة) من دون ضوابط، التي سوف تؤدي في البلاد العربية إلى الزيادة السكانية الرهيبة، التي سوف تأكل الأخضر واليابس، تلقيت بعض التأييد، غير أنني أيضاً تلقيت سيلاً جارفاً من الهجوم الذي قابلته (بروح رياضية)، لأنني أعذر هؤلاء الذين تشبعوا ببعض ما جاء في التراث، من آراء وأقوال لأعلام في أزمان ماضية، لا تستقيم ولا تتلاءم مع روح العصر العملية، وسوف أورد لكم بعض النماذج المكتوبة بين دفات المخطوطات لتأخذكم الحيرة، طالما في رؤوسكم شيء من العقل - مع احترامي لبعض الأسماء منهم، وإليكم ما جاء فيها:
قال القاضي أبو مسعود: من كانت له زوجة واحدة لا يصلح للقضاء ولا الفصل بين الناس، وقال ابن حيان التوحيدي: أدركت قوماً لا يُجلسون بينهم من كانت له زوجة واحدة يحسبونهم من صغار الناس.
وقال ابن خلدون: تبصرت في الأمم الهالكة فوجدتهم اعتادوا أن تكون لهم زوجة واحدة.
وقال الصاحب ابن عباد: أدركت أصحاب التراجم يقولون: مات فلان وكانت تحته فلانة وفلانة - يذكرون زوجاته - وعندما يذكرون من له زوجة واحدة يقولون: مات فلان وترك فوقه فلانة.
وقال ابن سينا: إن الرجل إذا كانت له زوجة واحدة ابتلي في جسده ونفسه وأدركه الهرم وهو في عنفوانه، وقيل لابن يونس المزني: لم اليهود والنصارى تركوا التعدد؟!، قال: أولئك أقوام قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله. وسئل ابن فياض عن رجال لهم زوجة واحدة فقال: أولئك (أموات) يأكلون ويشربون ويتنفسون، ولما ولي ابن إسحاق النيسابوري الكرك منع العطايا عمن كانت له زوجة واحدة، قالوا له: ولم فعلت كذا قال: تلك أموال الله لا نعطيها للسفهاء. ولما ذهب تقي الدين المزني فقيهاً إلى سمرقند قالوا له: إن هؤلاء قوم الرجل فيهم له زوجة واحدة، فوعظهم واسترشدهم فما مر هلال - أي شهر واحد - وإلا وعقد لثلاثة آلاف منهم.
كما قال الإمام الحصري: عندما ذكر الله الزواج ذكر مثنى وثلاث ورباع، وترك الواحدة في الأخير لأنها من منقوصات كمال الرجال وهو الخوف - انتهى.
وبالمناسبة فقد سبق لهذه الجريدة عام 2004. أن أجرت مقابلة مع رجل تزوج (58) امرأة خلال 50 سنة، ودائماً كان في عصمته (أربع زوجات)، وكلما أراد أن (يجدد فراشه)، يجري القرعة بينهن، لتخرج واحدة قديمة لتحل الجديدة مكانها - (وهكذا دواليك).