بقلم: مشعل السديري
أحمد فارس الشدياق أديب ومؤرخ ورحالة لبناني ظريف (1824 - 1887)، له عدة مؤلفات أغلبها ذكريات وروايات عن رحلاته في أوروبا. وفي هذه المقالة نريد أن نفسح له المجال لكي يعطينا رأيه في المرأة الأوروبية خصوصاً، والمرأة عموماً – وبالنسبة لي فهذه القضية تهمني، لأنني تلميذ نجيب لكل من كانت له رؤيا في هذا المجال -.
وقال الشدياق: «إنني أكره في نساء الإفرنج تربية أظافرهن حتى تأخذ حدها في الطول، وترك شعورهن في القفا منفوشة مشعّثة، ونساء الأكابر منهن يستصحبن كلابهن في العواجل، وعندهن صنف من الكلاب يقعدنه في أحضانهن ويسمى كلب الحضن». ولا شك أن عمنا الشدياق قد زاد ثقافتي (الكلبية)، لأنني لأول مرة في حياتي أسمع عن كلب الحضن هذا، وبالمقابل يقول: «وعلى النقيض كنت أرى من النساء العبلات الحسناوات ذوات البشرة البيضاء الناعمة والغضة الرائعة، والواحدة منهن وهي تتصبب عرقاً في الصيف من حراثة الحقول، فهي تحمل الأثقال وتبذر وتحصد وتحطب، ومع هذا الشقاء فلا تزيد أجرة المرأة في اليوم الواحد على نصف شلن، فكنت أقول في نفسي ما أرخص الجمال في هذه البلاد، وما أقسى قلوب الرجال الذين يحوجونهن إلى هذا الابتذال».
والشدياق معه حق أن يتأثر، فمن هو المجنون الذي (يشوي أنثى) تحت أشعة الشمس؟! – خصوصاً إذا كانت (رعبوبة) -، لهذا تفتقت قريحته شعراً وقال:
فلو برزت سواعدهن يوماً
لشاعرنا لأنشد في ذهول
بربات الحقول يحق لي أن
أشبب لا بربات الحجول
غير أنه يستدرك بأن الجمال لا لون له، فقال يتمثل ببيت من الشعر وكأنه يعتذر ويريد أن يبتعد عن العنصرية:
رب سوداء وهي بيضاء عندي
فهي مسك إن شئت أو كافور
مثل حب العيون يحسبها الناس
سواداً وإنما هي نور
وأعتقد أن الشدياق لم يجرب (الشوكولاتة)، فلو أنه جربها لأضافها للمسك والكافور، غير أنني أريد أن أختم هذا الكلام أو المقال، بما أكده الشاعر، وهو صادق وأبصم على ذلك بإبهامي:
اسمع مقالة صب... وكن بحقك عوني
إن المليح مليح... يحب في كل لون
وهناك حديث شريف جاء فيه: ابتغوا الخير عند حسان الوجوه.
وهذا صحيح، ولكن على شرط ألا يصاحب ذلك (الحسن) غباء وبلادة وجهل، فيصبح مثلما قال أحمد شوقي:
وإذا النساء نشأن في أمية
رضع الرجال جهالة وخمولاَ
وهذا هو مع الأسف ما تفعله حكومة (طالبان) هذه الأيام مع النساء المحرومات من التعليم.