بقلم: مشعل السديري
رغم أن الاعتراف بالحق فضيلة، فإنه للأسف: قليل فاعله، مثلي أنا (يا محاكيكم)، وعلى شاكلتي (99 في المائة) من الذين يقرأون كلامي - أو بمعنى أصح: هذري هذا.
وأبرع من كتب اعترافاته هو: (جان جاك روسو)، الذي اعتبره ملك الاعترافات، وسوف أورد لكم ما ذكره رجل أميركي سار على شاكلة ومبدأ روسو.
فقد فضح الرجل نفسه بنفسه بعد وفاته، وذلك من خلال كتابته لنعيه بخط يده قبل وفاته بأسبوع كامل، اشتمل على سلسلة اعترافات مثيرة كشف بموجبها عن كل أسراره الشخصية المشينة التي لم يجرؤ على البوح بها خلال حياته.
الراحل الذي يدعى (فال باترسون) كان يعاني من مرض سرطان - الله لا يبلانا - في الحنجرة، وأدرك أنه لن يعيش طويلاً فقرر أن يكتب وصية لزوجته بأن تنشر النعي في ثلاث صحف محلية.
ومن بين الاعترافات القوية التي ذكرها أنه لم يحصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة مطلقاً، موضحاً أن خطأ إدارياً في الجامعة التي كان يدرس بها هو الذي أدى إلى منحه تلك الشهادة، وقدم المتوفى اعتذاره الشديد إلى رؤسائه وزملائه في العمل الذين طالما تعاملوا معه باعتباره حاملاً لشهادة الدكتوراه، مستشفعاً بأنه دأب طوال الوقت على إتقان عمله إلى أقصى قدر ممكن للتكفير عن ذلك الذنب.
وبالإضافة إلى اعترافات أخرى تتعلق بارتكابه الخيانة الزوجية وتخريب ممتلكات عامة، وقيامه في سنة 1971 بسرقة محتويات خزينة (تِجوري) في إحدى الحانات في حين لم تتمكن الشرطة من التوصل إلى أنه هو السارق - انتهى.
ولا أدري هل مات بعد تلك الاعترافات وهو مرتاح الضمير؟! - الله أعلم -، ولكنني متيقن أن زوجته لن تترحم عليه بأي حال من الأحوال، بل إنها سوف تصب عليه اللعنات ليل نهار.
وإليكم نموذجاً آخر من الصين، فهذا رجل يكتب ويدّون أفعاله، ولكن تلك الكتابات لا تمت لشجاعة الاعتراف بصلة، فهو لص يسرق الدراجات النارية، وعرفوا ذلك بعدما وجدوا الأوراق التي يدّون فيها أعداد السرقات وكانت كتابته تلك بخط يده، هي التي (جابت خبره).
وذكرت صحيفة (تشاينا ديلي) أن اللص الذي عرف باسم (تشانغ) سرق (88) دراجة نارية خلال (6) أشهر، ولكن حظه تعثر مع قيامه بسرقة الدراجة رقم (89)، وكان عنصر من الشرطة لاحظ سلوك (تشانغ) بعد أن عرض على عابر سبيل مبلغاً صغيراً من المال مقابل مساعدته على حمل دراجة نارية مقفلة.
صحيح أن (حبل الكذب قصير).