بقلم - مشعل السديري
أتاني أحدهم محتجاً ومتذمراً وكأنني أنا السبب قائلاً لي:
تصور ذهبت إلى الطبيب أشكو من جفاف الأنف فوصف لي قطرة صغيرة (10 ملغ) سعرها 65 ريالاً، قرأت النشرة فإذا القطرة تتكون من (زيت السمسم) النقي فقط.
وذهبت إلى البقالة فوجدت القارورة من زيت السمسم المعصور على البارد، بثمانية ريالات، ومحتواها ربع لتر، أي ضعف محتوى القطرة (25) مرة، ومعنى هذا أن شركة الدواء باعت نفس كمية قارورة الزيت بمبلغ (1625) ريالاً، فقلت له هون عليك (لا تطير بالعجة)، فهذه الطريقة مثلما هو معروف تسمّى (القيمة المضافة).
وإليك المثل: فلو أن هناك قطعة حديد لا تزيد قيمتها عن خمسة دولارات مثلاً، وصنعت منها (حدوة) حصان لارتفع ثمنها إلى عشرة دولارات، فإذا صنعت منها آلاف (الإبر) صار ثمنها ما لا يقل عن ثلاثة آلاف دولار، أما إذا تطورت وصنعت منها (زنبركات) للساعات لتعدى سعرها ثلاثمائة ألف دولار.
وها هي دولة كإيطاليا لا تنتج ولا برميلاً واحداً من البترول، ولكنها تستورده وتصنعه في مجالات شتى، ودخلها من هذه (القيمة المضافة) يعادل إن لم يزد على دخل أية دولة بترولية من دول الشرق الأوسط.
وما يقال عن هذه السلع أو الخامات، ينطبق على الإنسان الفرد في حياته كذلك، فهناك من يظل طوال عمره الإنسان الخام ذا (البعد الواحد)، وهناك أيضاً في المقابل الإنسان الذي يطور نفسه ويبدع لتكون له أبعاد أربعة لا ثلاثة، وهذه الأبعاد هي (القيمة المضافة) في حياة الإنسان.
لست برجل اقتصاد ولا اجتماع، ولكنني أحببت أن أدلي بدلوي بقدر ما أستطيع، متأسياً بالمثل القائل: (مع الخيل يا شقرا)، وهكذا أنا أفتي وأكتب وأجري وأنشر الحب كذلك وأنا مغمض - فلا عين رأت ولا أذن سمعت -.
ولكن لماذا نذهب بعيداً، تعالوا معي وسوف أطرح أمامكم قيمة مضافة أكثر تطوراً، فقد قال علماء بريطانيون إنهم توصلوا إلى تقنية جديدة في صناعة المحركات النفاثة تمكن الطائرات من السفر حول العالم في 4 ساعات فقط من دون أي تكلفة إضافية على المسافرين، وقال فريق البحث إن التقنية الجديدة تعد أعظم تطور في تاريخ الطيران منذ صناعة المحركات النفاثة، وتعتمد التقنية على عملية تبريد المحرك من درجة 1000 مئوية إلى 150 درجة في جزء من الثانية، مما سيتيح الطيران بسرعات تزيد على 3200 كلم بالساعة، بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني، وهي القيمة المضافة - التي هي الأم الولود -.