بقلم - مشعل السديري
اشترى عامل باكستاني اسمه عدنان فرحان مكيفاً لشقته، ونام تلك الليلة بالبراد وكأنه سلطان زمانه.
وبعد يومين اتصلوا به يبلغونه أنه ربح أجهزة، وسوف يوصلونها له على سبيل الهدية، وأعتقد أنها مجرد مزحة، غير أنه لم تمضِ ساعة واحدة حتى وصلت شاحنة نقل، وأنزلت 5 مكيفات، و3 ثلاجات، و3 أفران، وغسالة صحون، ومكنسة كهربائية كبيرة، ومعها ورقة إثبات أنها هدية من الشركة، وفيها توقيع المدير المسؤول، وطلبوا منه أن يوقع على التسلم وفعل.
وفي اليوم التالي، اتصلوا به يعتذرون أن هناك خطأ فنياً في النظام الإلكتروني، وأنهم تداركوا الأمر، ويريدون استرجاع ما أوصلوه إليه. غير أنه رفض واستعان بمحامٍ، الذي قدّم شكوى ضد الشركة، وحلّوا الموضوع ودياً، بدلاً من فضيحة التشهير التي هدّدهم المحامي بها، وانتهت القضية، وكانت أتعاب المحامي مكيفاً وثلاجة، وكذلك المكنسة الكهربائية.
***
شهدت غرفة ولادة في مستشفى بإيطاليا واقعة غريبة؛ حيث وقع تشابك بالأيدي بين طبيبين خلال عملية ولادة قيصرية، استمرت ساعة ونصف الساعة لإتمامها، ونتيجة لهذه المضاربة توقف قلب المولود وأنقذوه في آخر لحظة، واضطروا لإزالة رحم الأم. وأكدوا أن الرضيع سيعاني من مشكلات دائمة على الأرجح، في الوقت نفسه أعرب المستشفى عن أسفه إزاء الواقعة، ولكنه رفض في الوقت نفسه تحمل أي مسؤولية عن المضاعفات التي حدثت للأم والطفل.
وحاول المستشفى أن يتنصل من هذا الذي حدث، غير أن المسؤولين أوقفوا الطبيبين، وحمّلوا المستشفى ما حصل للأم والمولود وفرضوا عليه غرامة باهظة.
***
في زيارة لي لمدينة (سان فرانسيسكو) الأميركية الصاخبة، طلبت من أحد المعارف هناك أن يذهب بي إلى منطقة هادئة أريد أن (أروّق) فيها، ووافق - جزاه الله خيراً - قائلاً لي؛ سوف أذهب بك إلى أهدأ مكان على الكرة الأرضية، وإذا بي أتفاجأ أنه أخذني إلى منطقة يقطنها 1800 ساكن فقط، ويحيط بها من كل الجهات ما لا يقل عن مليونين من قبور الموتى، وهم الذين قضوا نحبهم عام 1900 عندما تهافتوا بالملايين لاستخراج الذهب، فاجتاحهم وباء أفظع من (كورونا)، وتساقطوا كالذباب.
طبعاً رفضت أن أبقى فيها ولو لساعة واحدة، رغم أن فيها فندقاً صغيراً أنيقاً.
بعدها رجعت من حيث أتيت، وقررت أن أسكن في أصخب منطقة لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً، وكلها محاطة (بالديسكوهات).
ولأول مرّة أعرف أن صخب الحياة أروع 60 ألف مرة من هدوء الموت.