بقلم - مشعل السديري
هل تعلمون أن أول ممثل عربي قبل (عمر الشريف) اشترك في تمثيل فيلم أميركي مع (جون واين) هو (خليل الرواف) من بريدة في القصيم بالسعودية، وذلك عام 1937.
كما أن أشهر مؤلف ومخرج وفنان هندي، هو أيضاً عربي من عنيزة في القصيم، اسمه (إبراهيم القاضي)، ولد هناك، فوالده اليتيم (حمد القاضي) أرسله أعمامه إلى تلك البلاد في أواخر القرن الـ(19)، كعادة أهل القصيم في تلك الفترة من إرسال أبنائهم إلى معارفهم في أمصار بعيدة من أجل تعلم التجارة والعمل، فأرادوا أن يطبقوا مقولة: (الهند هندك لو الزمان حدّك)، فقرروا إرسال حمد إليها كي يتعلم التجارة، وذلك بعد أن صار شاباً قوياً يرتجى منه العمل، وعندما قرر أن يتزوج رجع إلى الجزيرة العربية وتزوج منها وأخذها معه للهند.
لقد علّم الأب حمد نفسه بنفسه؛ حيث كان قارئاً نهماً يجمع الكتب العربية والإنجليزية والأوردية، وفي المنزل حرص الأب حمد على الحديث مع أبنائه فقط باللغة العربية، وذلك حتى يبقيهم على اتصال بثقافتهم الإسلامية الأصلية، ولقد نشأ الفتى إبراهيم دؤوباً مثل أبيه تماماً؛ حيث لم يتوقف عن الدراسة والإثراء المعرفي لذاته. بجانب ذلك، ظهرت عليه بوادر موهبة في المسرحيات المدرسية، وكذا في مسرح الجامعة، وذلك بعد انتقاله إلى بومبي عام 1941 للدراسة، وعندما لاحظ والده شغفه بالمسرح قرر إرساله إلى بريطانيا لدراسة المسرح عام 1947 في الأكاديمية الملكية للفنون المسرحية بلندن؛ حيث تلقى تدريباً مسرحياً هناك أوصله إلى نيل جائزة استحقاق من (بي بي سي) عام 1950. وانهال عليه كثير من العروض للعمل في المسرح الإنجليزي، لكنه رفض وعاد إلى الهند.
وقد عُرف القاضي على الساحة الهندية بعرّاب الفن الهندي، أو أبو الفن الهندي، وقد نال خلال مسيرته الطويلة مجموعة من أرقى الجوائز الهندية والعالمية، من بينها بادما شري (1966)، وبادما بوشان (1991)، وبادما فيوشوهان (2010)، وجائزة فارس الفنون، وهي أعلى جائزة ثقافية في فرنسا، وغير ذلك كثير.
وتقديراً من المملكة العربية السعودية للقاضي على إنجازاته المرموقة، ووفاء لحبه للسعودية، واعتزازه بأصوله النابع منها، قام الأمير (بدر بن عبد الله بن فرحان) وزير الثقافة مشكوراً بزيارة القاضي في منزله عام 2019 وكرّمه وأعلن عن تأسيس (كرسي إبراهيم القاضي)، احتفاءً وتقديراً لإسهاماته الفنية، كما قام مهرجان أفلام السعودية، بمنحه جائزة (النخلة الذهبية).
وتوفي الفنان (السعودي الهندي العالمي) القاضي عام 2020 عن عمر جاوز 95 عاماً، رحمه الله.