بقلم - مشعل السديري
دولة أفغانستان أعدّها دولة منكوبة، من أول ما عاثت بها عصابات (طالبان)، التي تمنطقت برداء الدين، والدين منها ومن جرائمها براء، وهي التي لم يسلم من جنونها لا إنسان ولا حجر.حرّموا تقريباً كل تطلعات البشر للجمال وللفرح وللحياة الكريمة، وبرعوا فقط في الإرهاب من قتل وتقطيع أيدٍ وأرجل، ورجم بالحجارة وجلد بالسياط، وأكثر ما برعوا فيه مقايضة الفتيات الصغيرات بالمهور للزواج بهن بطريقة تشبه الاغتصاب، بل إنهم حتى آثار العصور السابقة دمروها تقريباً عن بكرة أبيها.
وما راعني إلاّ مقطع فيديو، ظهر فيه عناصر من (طالبان)، بشعورهم ووجوههم المغبرة وعيونهم التي يقدح منها الشرر، عندما انقضوا كأنهم وحوش جائعة على رجل مسنّ، وجريمته التي لا تُغتفر أنه كان يرقص على أنغام إحدى الأغاني، وقاموا بضربه بالهراوات على وجهه، وركلوه بالأقدام حتى وصل الحال بالمسكين للبكاء من شدّة الضرب، ولم يتركوه إلاّ بعد أن دشدشوا عظامه.
وسوف أحكي لكم عن فتاة صغيرة تناقلت بطولتها الأخبار، واسمها (قمرغول) وعمرها 15 سنة، تزوجها قسراً أحد رجال (طالبان)، ولم تطق العيش معه لجلافته، ولكي تنجو بجلدها ما كان منها إلاّ أن تهرب في ليلة ليلاء إلى دار والدها.
وبعد أن عرف زوجها بهروبها، ما كان منه في مساء اليوم التالي إلاّ أن يذهب مع جماعته إلى دار والدها لسحبها من شعرها معه، وما إن سمعوا نداءاتهم وتخبيطهم على الباب، حتى ذهب الأب مع الأم لاستطلاع الأمر والتفاهم، غير أنهم قابلوهما بوابل من الرصاص وقتلوهما.
وما إن سمعت (قمرغول) إطلاق الرصاص حتى تناولت سلاح والدها الذي كان قد درّبها عليه، وجابهتهم وحدها محذرةً أخاها الصغير الذي لا يتجاوز عمره 12 سنة.
واستطاعت بشجاعتها أن تدحرهم بعد أن قتلت اثنين وجرحت ثلاثة، وأحد القتلى كان زوجها. وأعربت المراهقة ذات الـ15 ربيعاً، عن أسفها لعدم تمكنها من وداع أمها وأبيها قائلة:
«ذهبت لأكلمهما إلاّ أنهما لم يردّا عليّ، فقد توقف تنفسهما، وأخذت أبلل وجهيهما الطاهرين بدموعي».
وأثارت الحادثة إشادة من الأفغان على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشروا صورها على صفحاتهم، وأطلقوا عليها مفتخرين لقب (البطلة).
كما طالبت الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة والنائبة السابقة فوزية كوفي، الرئيس الأفغاني بحماية البطلة قمر، ونقلها إلى مكان آمن لأنها في خطر.
وأشاد المتحدث باسم الرئيس بما قامت به قمر للدفاع عن عائلتها ضد عدو لا يرحم.