بقلم - مشعل السديري
أحياناً أريد أن ألقي الضوء على ما يردني من مآسٍ وانفراجات، مثل:عائلة فقيرة مكونة من أم وأب، وولد صغير وبنت صغيرة، وفجأة مرض الصبي مرضاً شديداً، وبعد إجراء الفحوصات الطبية والتحاليل المخبرية اللازمة، تبين أنه يعاني من ورم خبيث في الرأس.فعاد الأب إلى البيت وأخبر زوجته بأن ابنهما بحالة حرجة جداً ولا بد من إجراء عملية جراحية عاجلة رغم تكلفتها الباهظة، وضيق ذات اليد وأن نجاة الطفل ستحتاج معجزة.
وفي تلك الأثناء كانت البنت الصغيرة تسترق السمع، فأسرعت إلى غرفتها وفتحت حصالتها لتجد فيها دولاراً واحداً فقط، فأخذته وتوجهت به إلى أقرب صيدلية، ووقفت تنتظر أن يفرغ الصيدلي من الحديث مع رجل كان موجوداً معه في الصيدلية، ولما طال الحديث بينهما قامت الطفلة بوضع الدولار على الطاولة بغضب وقالت للصيدلي، أعطني معجزة بهذا الدولار فرد عليها الصيدلي: ومن قال لك إني أبيع المعجزات؟!، وهنا تدخل الرجل الذي كان يتحدث مع الصيدلي وقال لها: حدثيني يا صغيرتي عن المعجزة التي تريدين شراءها؟!، فقالت له بكل براءة الطفولة: لا أعرف ما هو الدواء الذي يسمى بالمعجزة، ولكني سمعت أبي يقول لأمي إن أخي يحتاج إلى معجزة لكي يتعالج من المرض وينجو من الموت، فهل هذا الدولار يكفي لشراء ذلك الدواء، فقال لها بابتسامة وبصوت حنون: نعم يا صغيرتي إن هذا الدولار هو ثمن تلك المعجزة، ولكن عليً أن أرى أخاك أولاً.
وللمعلومية كان ذلك الرجل هو الدكتور (كارلتن آرمسترونغ) جراح المخ والأعصاب الشهير، فذهب مع الطفلة إلى بيتها وقابل أباها وراجع الطبية، ثم قال لهم: أنا سأجري له العملية في مشفاي الخاص بدون أي مقابل، وبالفعل قام الطبيب بإجراء عملية ناجحة للصبي ولم يتقاضَ أكثر من ذلك الدولار الذي أعطته إياه تلك الطفلة.
ويذكر أنه قام بتعليق ذلك الدولار في إطار على أحد جدران عيادته وكتب تحته: (هذا الدولار هو ثمن معجزة الإحساس بالآخرين)، وإن مساعدة الضعفاء من الناس هو ما يميزنا كبشر، فلا تجعل إحساسك بالآخرين كالقنديل الصغير الذي يضئ حول دائرة صغيرة، أي حول الأهل والأقارب فقط، بل اجعله كالشمس التي تضيء للعالم أجمع.ترددت في البداية من نشر هذه الواقعة خوفاً أن تكون من نسج الخيال، ولكن اسم الدكتور المشهور، ورؤيتي لصورة الدولار المبروِز والمعلّق على الحائط، شجعاني على طرحها وأنا مرتاح الضمير.كل الفحوصات