بقلم - مشعل السديري
أحد سجناء الروس في الحرب العالمية الثانية كتب في مذكراته الموقف التالي:أجبرنا الألمان عام 1941 على حفر حفرة عميقة في الأرض، وبعد أن أتممنا ما أرادوا وإذا بهم يأتون بمجموعة من اليهود وألقوا بهم في الحفرة، وأمرونا بدفنهم أحياء فرفضنا ذلك العمل الشنيع.
فما كان من الألمان إلاّ أن ألقوا بنا في تلك الحفرة بدلاً من اليهود ثم أمروهم بدفننا وإذا رفضوا سوف يدفنونهم معنا، عندها ما صدقوا خبراً ووافقوا سريعاً، وشمّروا عن سواعدهم وتناولوا معاولهم وبدأوا بإلقاء التراب بحماس منقطع النظير، وعندما كاد التراب يغمرنا أمروهم بالتوقف، ثم أخرجونا، وخاطبنا القائد قائلاً:
أردنا فقط أن تعرفوا من هم اليهود ولماذا نقتلهم؟! – انتهى.
الحقيقة أنه موقف عجيب من الألمان، واعذروني إن قلت لكم: لو أنني كنت من ضمن هؤلاء اليهود، وأصبحت بين خيارين أحلاهما مُر، فهل تريدون الصراحة أم بنت عمّها، إذا كنتم تريدون الصراحة، فلن يخطر على بالي ساعتها إلاّ أن أقول والمعول بيدي: يا روحي ما بعدك روح، وألف مرّة جبان ولا مرّة واحدة الله يرحمني.
وفي بعض البلاد العربية هناك بعض الأنظمة، لا تقل عن الحركة النازية الألمانية بالإجرام، واقرأوا معي التالي:
اكتشفت بعض العوائل السورية مصير أبنائهم بعد أن شاهدوا صور جثثهم بين مجموعات صور (قيصر) المصور العسكري السوري الذي هرب وفي حوزته آلاف الصور.
وتحدث (حفار القبور) عن أن الجثث كانت تحمل في شاحنات مبردة تأتي من كل الأفرع الأمنية والمستشفيات، وروى كيف أنهم في عام 2011 طلبوا منه أن يعد فريقاً من 10 إلى 15 رجلاً يكونون مسؤولين عن مرافقة شاحنات محملة بالجثث باتجاه مقابر جماعية، وهناك جثث لم يكن لها أسماء، بعضها كانت وجوهها مشوهة بالأسود، أو لها أرقام ورموز مطبوعة بالنار على جبهاتهم أو صدورهم، وبعضهم كانت أياديهم مقيدة من الخلف، ثم ترمى وتدفن عشوائياً في الحفرة العملاقة بعمق 6 أمتار وطول مائة متر، وقد يستغرق ملء كل حفرة قرابة 150 نقلة من القلابات التي حمولة الواحدة منها (10) أطنان.
وبسبب ذلك الرعب تشرد ما لا يقل عن عشرة ملايين ما بين هارب ومهاجر إلى الخارج، وبين هارب ولاجئ في مخيّمات مهلهلة، لا تمنع حرارة وضربة الشمس بالصيف، ولا تتقي صقيع وزمهرير الشتاء.ولم يعد أحد يردد أو يطرب اليوم لأغنية فيروز: (حبيتك بالصيف، حبيتك بالشتي).