بقلم - مشعل السديري
الانتحار، أبعدنا الله عنه، منه الفردي ومنه الجماعي، وهو التمرّد على قانون الحياة، وقبل ذلك الخروج من رحمة الله، ودوافعه كلها يائسة بائسة؛ إما معيشية وإما عاطفية وإما جنونية وإما خرافية.
وأشهر انتحار خرافي جماعي في عصرنا الحديث، قد حصل في عام 1978 وتزعمه قس أميركي يدعى (جيم جونز)، وأسس طائفة لعب بعقول أتباعها وأقنعهم بالانتحار، وماتوا جميعاً بمن فيهم هو، وكان عددهم (918)؛ من ضمنهم (200) طفل. أما عن الانتحارات الفردية، فحدثوا ولا حرج:
فهذه طفلة في كوريا الجنوبية قُتلت وتبلغ من العمر خمسة أعوام بعد سقوط شخص انتحر قفزاً من الطابق الـ11 ليهبط عليها بشكل مباشر.
وأشارت تقارير الشرطة إلى أن الطفلة كانت تهم بمغادرة منزلها برفقة والديها اللذين لم يصابا بأذى.
وأيضاً هذا شاب كوري حفيت قدماه وهو يبحث عن عمل من دون جدوى، فقرر الانتحار، فما كان منه إلا أن يتسلّق بسلك القطار الكهربائي العالي الفولتية، غير أن القدر قد أنقذه نظراً لأن الكهرباء لم تكن متصلة بالسلك وقت تسلقه، فقفز أمام قطار قادم في الاتجاه المعاكس، ولكنه سقط على سطحه ومنه إلى الأرض حياً.
وأسفرت محاولاته الفاشلة للانتحار عن إصابته بجروح، وقد تم نقله إلى المستشفى، وبمجرد أن استفاق قرر ألا يكرر محاولاته، وما إن علمت بعض المؤسسات عن محاولته، حتى أتته عروض العمل من كل جانب.
والانتحار المقنع نوعاً ما، هو انتحار الناشط الفرنسي العجوز، الداعي للتمسك بالأخلاق الحميدة، فتوجه لكاتدرائية (نوتردام)، وأمام المذبح أطلق الرصاص في فمه، وذلك بعد ثلاثة أيام من سريان قانون يبيح زواج المثليين.
أما (أخبل أو أهبل) انتحار فقد أقدم عليه رجل أسترالي يدعى (جوزيف صموئلز)، وكان مسجوناً ومحكوماً عليه بالإعدام، وفي المرتين الأوليين انقطع الحبل، وفي المحاولة الثالثة بقي متدلياً في الهواء دون أن تبدو عليه آثار العملية؛ إذ إن العقدة لم تضغط عليه كفاية كي تزهق روحه، وأخيراً عفوا عنه، وأطلقوا سراحه.
المفاجأة أنهم وجدوه بعد شهر واحد منتحراً، وبجانبه ورقة كتب عليها: (لقد سئمت الحياة).
أما التي سئمت الحياة رغم أن الحياة لم تسأم منها، فهي الممثلة (مارلين مونرو)، التي انتحرت وهي في عز شبابها ومجدها، عندما وجدوها بقميص نومها (التركواز) وهي ممددة على سريرها الوثير، وبجانبها علبة حبوب منومة فارغة، وكانت الابتسامة تملأ وجهها المليح. حتى الحلوين ما يخلّيهم الموت.