بقلم - مشعل السديري
الأرقام التي نستعملها في المشرق العربي هي هندية الأصل، أما الأرقام العربية الحقيقية فهي التي تستعمل الآن في كل مدارس العالم وجامعاته.
وهناك اختلاف في من الذي اخترعها؟! فيقال إنه الخوارزمي، وهناك رأي آخر يقول: إنه صانع زجاج مغربي أعطى للأرقام التسعة شكلاً يتعلق بعدد الزوايا في رسم كل منها؛ زاوية واحدة للرقم 1 وزاويتان للرقم 2... وهكذا إلى أن تنتهي الأرقام برقم 9 المكون من تسع زوايا، أما الصفر فكان مجرد دائرة تخلو من الزوايا.
والأرقام عموماً ليست أعداداً وإنما هي أشكال تكتب بها رموز الأعداد، وإذا كانت الأعداد ليس لها آخر فإن الأرقام عددها تسعة فقط.
وفي المخطوطات القديمة كانت تسمى الأحرف الغبارية، وهي ليست نسبة إلى الغبار كما هو شائع ولكن لأن كلمة الغبار جاءت في منظومة محمد بن أحمد بن غازي (منية الحساب)، وجاء فيها:
بسيط أسماء الجميع اثنا عشر/ منها تركب جميع ما غبر
فتسعة منها هي الآحاد/ وعاشرا للعشرات زادوا
وفي سنة 176هـ كان العالم الإسلامي قد شهد انفصال الأندلس والمغرب الأقصى والأوسط عن الخلافة العباسية، الأمويون في الأندلس والأدارسة في المغرب، ولو أن الأرقام الغبارية خرجت من المشرق لم يضر الدولتين شيء في أن تتبعا الخلافة العباسية في ذلك، ولكنه إذا كان العكس وهو خروج الأرقام من المغرب فلا يمكن للخلافة أن تتبع الدولتين، لذلك اتخذت الخلافة العباسية سلسلة الأرقام الأردية، وبقيت هذه الأرقام في المغرب والأندلس، ونجدها في المخطوطات ومنقوشة على الخشب الذي يزين المساجد والمدارس العتيقة. وفي تلك الفترة تأسست (جامعة القرويين) التي تعتبرها موسوعة غينيس للأرقام القياسية أقدم المؤسسات التعليمية الموجودة في العالم.
وبعدها ذهب البابا سيلفستو الثاني للدراسة في جامعة القرويين، وأعجب هناك بالأرقام العربية وهو الذي أدخلها فيما بعد إلى أوروبا، ومن أجل ذلك يطلق عليه أحياناً بابا الأرقام العربية، وكانت أوروبا حينها تستعمل الأرقام الرومانية التي لا تساعد على إنجاز أبسط العمليات الحسابية.
وإنني والله لفي عجب لماذا إصرارنا حتى الآن على استعمال هذه الأرقام المتخلّفة، وهي ليس لها أصلا علاقة بالدين لا من قريب أو بعيد حتى نتحرج، فلماذا لا نستبدل الأرقام العربية بها مثل العالم والناس، وهي التي تخزنها كل كومبيوترات وحاسبات وتليفونات العالم، وتعرفها ولا تجهلها حتى أكبر امرأة معمّرة أميّة لا تقرأ ولا تكتب؟!