بقلم - مشعل السديري
الألماني (رفائيل فيلمار) لا يخشى تداعيات الأزمة المالية التي نتجت عن وباء (كورونا)، لأنه ببساطة لا مكان للمال في حياته، فهو يسكن رفقة زوجته وطفلته في قبو أحد المنازل من دون دفع إيجار، وجاء ذلك على ضوء اتفاق بينه وبين صاحب البيت على أن يقوم بالاعتناء بحديقة المنزل، على أن يتحمل صاحب البيت دفع فاتورة الماء والكهرباء أيضاً.
ولرفائيل طريقته الخاصة في توفير المواد الغذائية، إذ إنه يأخذ دراجته ليلاً، ليمر على حاويات القمامة التابعة للمتاجر الكبرى المتخصصة في بيع الأغذية الحيوية، وهناك يجد أروع أنواع البهارات والزيوت والخضار الطازجة، وحسبما يقول فإن المشكلات تكمن في أن الخضار والفواكه في مثل تلك المتاجر يراد لها أن تظهر طازجة، ولهذا السبب تُعرض على رفوف الأسواق فيها ليوم واحد فقط، بعدها يتم رميها في القمامة، وكذلك الشأن بالنسبة للمعلبات التي تصلح في الغالب لمدة استهلاك أطول.
أما الذي (ضاربها صرمة) بجد، أو مثلما يقال باللهجة البدوية: (لا سائل عنك، ولا قايل من)، فهو رجل يناهز الثمانينات من عمره، يعيش في كهف من دون مياه جارية أو كهرباء على جبل في ولاية توكومان في الأرجنتين منذ 40 عاماً. وحسب ما قالته (سكاي نيوز) فإن الرجل الذي يسمى بدرو لوكا عندما كان يشعر بالجوع يلتقط بندقيته ويذهب للصيد أو يطلع الجبل في رحلة يقطعها في 3 ساعات إلى بلدة قريبة يوجد بها جدول صغير هو مصدره الرئيسي للمياه، كما يربي معه في الكهف 11 دجاجة ومعزتين تتجول في الجبال، إذ يوقظه صياح الديك نحو الساعة الـ3 صباحاً كل يوم تقريباً، ويبدأ يومه بإشعال النيران، وأصبح لوكا أسطورة في الأرجنتين.
الواقع أنني لم أكمل كلامي، ولا بد أن أنبه إلى ذلك الذي أشبّهه بـ(الشق والبعج)، وهو رجل إيطالي يقال له (جوفاني فالنتيني)، ومعروف عنه أنه زبون دائم لصناديق الزبالة، التي ما فتئ يفتشها يومياً ليأخذ منها ما يلائمه.
وقد رفض هذا الرجل إرثاً جاء له بالملايين، وحجته المنطقية أن المال يحدّ من حريته، وأكد أن هوايته الوحيدة التي لا يستطيع أن يتخلى عنها هي: حياة التشرد.
وآخر حياته وجدوه محترقاً وميتاً في أحد الشوارع المهجورة. إنه باختصار (فيوزه ضاربة)، وهو من يسمونه عندنا (رافس النعمة)، أما أنا فلو حصلت على النعمة فمن المستحيل أن أرفسها، وإنما (أطبطب) عليها – على طريقة المغني (حسين الجسمي).