بقلم: مشعل السديري
مع الأسف في كثير من البلاد العربية هناك أزمات مياه طاحنة، مع أن بعضها فيها أنهار. وفي هذه الأيام تتناقل الأخبار معاناة إخواننا في تونس في الحصول اللازم على المياه -مع أنني منذ وعيت على الدنيا والناس لا يصفون تونس إلا بـ(تونس الخضراء)، ولا خضار إلاّ بغزارة المياه- مع أنهم الآن يقطعون المياه عن الأحياء بالساعات وبالتناوب -بمعنى أن المياه هناك أصبحت (بالتقسيط)، نتيجة لموجة الجفاف.
وبما أننا بهذا الصدد، اسمحوا لي أن ألقي الضوء قليلاً على المشروع الطموح الذي ستخوضه السعودية لنقل مياه التحلية لكل مدن المملكة عن طريق حفر الأرض بعمق 4 أمتار وعرض 11 متراً في هذه المساحة يتم وضع ثلاثة أنابيب، كل أنبوب قُطره الدائري 2.15 متر على الأقل، هذه الأنابيب مضادة للتآكل والصدأ والتسريبات، ونحن بهذا من دون مبالغة نتكلم عن أنه ستكون هناك أنهار تحت الأرض في كل أنحاء السعودية، ولو تساءلنا حرفياً: ما النهر؟! لأجبنا قائلين: النهر هو مجرى مياه عذبه صالحة للشرب، لكنه عندنا هو تحت الأرض على شكل أنابيب، ولو تساءلنا كذلك: كم سيصير أطوال أنابيب المياه تحت الأرض التي ستنقل هذه المياه العذبة من مكان إلى مكان بين المدن والقرى؟! إنها ستبلغ (آلاف الكيلومترات) فتخيلوا هذا الطول، الذي يبلغ أطول من نهر النيل (نحو 6 آلاف كم وكسور)، وكلها مجرد أنابيب تحت الأرض تنقل لنا المياه العذبة الصالحة، ونحن نتكلم عن واحدة من كبرى شبكات نقل المياه المحلاة في العالم، وأطوال الأنابيب في شبكة نقل المياه تحت المدن السعودية (126 ألف كيلومتر)، هذه الشبكة لو مددناها ستلفّ حول العالم ثلاث مرات، وليست فقط هي الأطول، بل إن كمية المياه (9 ملايين و400 ألف متر مكعب)، هي الأغزر، وهذه الكمية تساوي لو توزعت على سكان الكرة الأرضية كلها: فكل إنسان سوف يحصل على قارورتين، فقط من إنتاج المياه المحلاة في السعودية، كل ذلك علشان أنا أخرج من سريري وعلى بعد مترين أفتح الصنبور وأشرب أو أغسل، بمعنى أن 35 مليون إنسان في السعودية سيحصلون على المياه في بيوتهم (ويا دار ما دخلك شر)، والحمد لله والشكر الكبير جداً لكل من كان له دور في هذه المسألة، وأنا ما عندي في حياتي سوى ثلاثة أشياء: هي (الحكي والدعاء والشرب)، وأقصد (شرب الماء) فقط لا غير.