بقلم - مشعل السديري
ذكرت صحيفة (ديلي ميل) أن رجلاً بريطانياً قرر بعد أن تقاعد عن العمل في البحرية الملكية الاعتماد على معاشه التقاعدي، وقام بمساعدة زوجته ببناء قارب طوله 50 قدماً، وجهزه بكل احتياجات الرحلة الطويلة التي سوف يطوفان فيها العالم، ثم قاما ببيع منزلهما وتقسيم الأموال على ولديهما، وبعدها ودعا العائلة والأصدقاء منطلقين في أول مغامرة جابا خلالها مياه الكاريبي والبحر المتوسط واستغرقت عشر سنوات كاملة، ثم انتقلا إلى مياه الأطلنطي وصولاً إلى أميركا التي عبراها من نيويورك إلى فلوريدا، وكانا الناجيين الوحيدين من إعصار ألبرتو المدمر الذي ضرب شمالي برمودا عام 1982.
وفي عام 1986 اشترى الزوجان قارباً جديداً وأمضيا عقدين كاملين آخرين في عبور القنوات المائية والأنهار الأوروبية في كل من فرنسا وبلجيكا وهولندا، وخلال هذه الفترة عادا إلى إنجلترا عدة مرات لحضور مناسبات مختلفة مثل زواج الأبناء ولقضاء أعياد الميلاد مع أحفادهما، ثم العودة سريعاً إلى قاربهما لمواصلة الرحلة.
ثم ابتاعا آخر قواربهما، وحرصا على أن يكون مجهزاً بأدوات الاتصال الحديثة، نظراً لتقدم العمر، وجابا به لمدة عامين ساحل شمالي أفريقيا، إلا أنه مع بداية عام 2007 عانى الزوج ضموراً بقمياً بالعين، واحتاج إلى إجراء جراحة عاد على أثرها إلى بريطانيا - ومع ذلك لم (يهجدا ويقضبا أرضهما) -.
استكملا رحلتهما بعد ذلك لمدّة أشهر أخرى، غير أنهما في النهاية اضطرا للتوقف مرغمين لمعاناتهما من أمراض الشيخوخة المختلفة، بعد أن قارب عمرهما (95 عاماً)، وإن كانا مع ذلك يعتزمان البقاء بالقارب المتوقف والحياة على سطح المياه، إلى أن (يسترد الله أمانته)، وهما يتمنيان إذا أدركهما هادم اللذات، أن يموتا معاً في ساعة واحدة.
ولفت نظري أنهما قالا في صوت واحد وهما يبتسمان: لم نشعر بالملل أبداً طوال رحلاتنا وتجوالنا، وكأننا لا زلنا نعيش حتى الآن في شهر عسل متواصل.
وأخذت أضرب كفّاً بكف وأردد بيني وبين نفسي: هل هذا معقول؟! وأنا الذي لا أطيق أن أفرض على نفسي أو يفرض علي أحد، أن أضع وجهي بوجه آخر لمدة ساعات، فكيف يكون حالي لو فرض على أن أقابله واضعاً (خشّتي في خشّته) عشرات الأعوام؟! (يا لهوي بالي) لأنني في هذه الحالة سوف أتوسل للحاكم أن يأمر بسجني بدلاً من ذلك سجناً انفرادياً مؤبداً، إلى أن أذهب في خبر كان غير مأسوف على (طختي).