بقلم - مشعل السديري
الوطن يعلو ولا يعلى عليه. لا تصدقوا بعض سفهاء العرب، فالجهات المشبوهة سعت إلى تهميش الولاء للوطن أعواماً طويلة، ابتداء من (حسن البنا) الذي ذكر في مقابلة معه: (إن الوطن مجرّد حفنة تراب عفنة)، إذا لم يكن جزءاً من الخلافة الإسلامية. التطرف الشيعي، والتطرف السني، اختطفا مفهوم الوطن، وأصبح الولاء مرتبطاً بآيديولوجيا، كانت تستغل بسطاء الناس، وتقدم لهم صكوك الغفران وبراءات دخول الجنة والنار. وكان هذا النسق مستساغاً لأعوام.
ثم تكشفت الصورة، واتضح أن المتطرفيْن السني والشيعي يتفقان على الأهداف والغايات. وتجربة تحالف (حماس) مع إيران خير شاهد. لقد تعايش المؤدلجون مع التناقضات، كانوا يخدعون العامة بخطاباتهم ضد بعض، ولكنهم في حالة عناق ووفاق. لقد دعم (الإخوان) التجربة الخمينية منذ ظهورها في نهاية سبعينات القرن الماضي، واحتفت مجلة (الدعوة) في مصر، ومجلة (المجتمع)، في الكويت، ومجلة (الإصلاح) في الإمارات، بالتجربة الوليدة، وكانت المجلات الثلاث حينها لسان حال (الإخوان) في مصر والخليج العربي. تنبهت الإمارات مبكراً لتجاوزات جمعية الإصلاح لديها، فيما صمدت جمعية الإصلاح في الكويت، رغم أن رموز (الإخوان) انحازوا للعراق إبان احتلاله الكويت عام 1990.
ولذلك فإن انسياق (حماس) خلف التجربة الإيرانية ليس مستغرباً، والجميع يعلم أن إيران كانت ملاذ (القاعدة). هذه الحقائق يجهلها الجيل الجديد في الخليج العربي. حجم الأذى الذي سببته تيارات التطرف السنية والشيعية كبير جداً. إيران تتباهى بسيطرتها على عواصم عربية وبعض العرب يصفق لها، وتركيا تتسلل بمنتهى العجرفة إلى ليبيا وسواها، وبعض العرب يصفق لها أيضاً.
في الخندق الإيراني هناك تحالفات جمعت (حزب الله) و(الحوثيين)، وفي الخندق التركي هناك (الإخوان) و(داعش)، وبين هؤلاء وأولئك هناك تحالفات مختلطة، وكل هؤلاء الأطراف تاجروا طويلاً بفلسطين وقضيتها، وما زالت هذه المتاجرة مستمرة، لم يكونوا شرفاء أبداً، ولو ادعوا ذلك، الأمر نفسه يصدق على كل سفهاء العرب الذين يعملون ضد أوطانهم، فكل شيء ممكن تلعب به إلا (الوطن).
ولكي لا أغثكم أكثر أقدم لكم هذه النبوءة (المضحكة المبكية)، التي تنبأ بها الإخواني اليمني (عبد المجيد الزنداني) المقيم في تركيا، الذي أخذ يبشرنا قبل عامين قائلاً:
في عام 2020 سنشهد قيام حضارة عالمية جديدة، تمتد من الصين شرقاً، إلى المحيط الأطلسي غرباً، وهذه الحضارة اسمها: (الخلافة الإسلامية) – انتهى.
ولم نجد في تلك السنة (غير المباركة) سوى وباء (كورونا) يمتد من شرق الصين إلى ما وراء المحيط الأطلسي.