بقلم - مشعل السديري
يا عزيزي اسمع نصيحتي الخربانة ثم اقذف بها في البحر، أولاً: لا تصدق كل ما تسمعه أو تقرأه، لأن هناك ظلالاً وغباشاً وعتمة خلف كل ذلك أحياناً، (يا ما تحت السواهي دواهي).
فعلى سبيل المثال هذا هو (ديل كارنيجي) مؤلف الكتاب الشهير (دع القلق وابدأ الحياة) الذي طُبعت منه ملايين النسخ، وتُرجم إلى عشرات اللغات، واعتُبر أنه أروع إنسان محب للحياة ومتفائل بها، مات في النهاية (منتحراً).
والفيلسوف (جان جاك روسو)، لم يكتب أحد في التربية وتجاوز المصاعب أكثر منه، غير أنه في نهاية المطاف أودع أبناءه في ملجأ.
ولكي نقرّب الزمن أكثر وندخل في العصر الحديث، ففي مونديال 1986 لبطولة كأس العالم بكرة القدم، هناك صورة شهيرة للاعب المتوفى (مارادونا)، ومكتوب على صدر قميصه (لا للمخدرات)، واللاعب (بلاتيني) مكتوب على قميصه (لا للفساد)، وبعدها أصبح الأول أكبر مدمن للمخدرات، ووجهت للثاني تهمة الفساد.
وإذا أتينا للشعر فهذا هو (المتنبي) مالئ الدنيا وشاغل الناس، والذي يفتخر بنفسه قائلاً: الخيل والليل والبيداء تعرفني- والسيف والرمح والقرطاس والقلم، في حين أنه كان أجبن من أن يرفع سيفه في وجه قاتله. وهذا الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) رغم حماسته الثورية، اشترك ضمن وفد الشباب الإسرائيلي في مهرجان بموسكو بجواز سفره الإسرائيلي، واستعرضوا وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية، وأهم من ذلك كله أن حبيبته كانت إسرائيلية، ولا أكذب عليكم أنني قد حسدته على ذوقه المميز عندما شاهدت صورتها.
وهذا غيض من فيض، لأنني لا أريد أن أطيل عليكم، ولكي أكمل نصيحتي أقول: لا تصدق كل شيء (وتطير العجّة) – والعجّة التي أقصدها هي الغبار الكثيف، وليست خلطة (بيض الدجاج) التي يحبها البعض ولا أطيقها - فالعالم لا أقول عنه إنه تافه، ولكنه بكل صدق مليء بالأكاذيب، المبكية والمضحكة أحياناً.
***
أقدمَ تايواني على الزواج من رماد حبيبته المتوفاة، وأقام لها مراسم زفاف رسمية وسط حضور كبير من الأهل والأصدقاء، وحسب صحيفة (ذا صن) وضع رماد العروس في جرّة كبيرة من الفخار المزخرف النفيس، ووضعوا عليها فستان الزفاف.
المأساة حصلت بعد عدة سنوات، عندما اقترن الرجل بامرأة أخرى، فما كان منها بعد أيام إلاّ أن سكبت رماد حبيبته المتوفاة بكرسي الحمام، وجرّت عليه السيفون، ثم (دشدشت) الجرّة.
هكذا هي المرأة تغار حتى من الرماد (يا لهو بالي)! - اللهم حوالينا ولا علينا.