بقلم - مشعل السديري
في البداية، وقبل كل شيء، لا بد من التأكيد أن اللغات واللهجات لدى كل شعوب العالم وعبر التاريخ، كانت تتلاقح وتتطور كأي كائن حي، وحيث إن الكلام في هذا الموضوع قد يطول ولا يستوعبه هذا العمود المتواضع، لهذا سوف أقصره على ما يعرف بالشعر العامي في البلاد العربية عموماً، وهو يضم العديد من الأوزان، ولكن أغلبها مبنية على قافيتين خارجية وداخلية.
ومن مسمياتها في العالم العربي شرقاً وغرباً: النبطي، والدارمي، والزهيري، والهولية، والعتابا، والدوباوي، والملحون، والحساني... وغيرها كثير.
وهناك قصيدة عامية للأمير الشاعر خالد الفيصل في أخيه الراحل الأمير عبد الله الفيصل، ألقاها في إحدى المناسبات، ولفت نظري فيها مقدار (الوفاء الأخوي)، ولا شك أن تلك القصيدة تستحق أن تكون شعاراً يجب أن يحتذيه ويتمسك به كل أخ لأخيه - خصوصاً أن هناك للأسف نماذج مشوهة بين الإخوة وصلت بمشاكلها إلى حد (المحاكم).
وللمعلومية فقد عرفت عن قرب جميع أبناء الملك الشهيد فيصل، ووجدت فيهم كل المزايا المشرِّفة، وأهمها تكاتفهم ومحبتهم لبعضهم البعض، وقد يكون لوالدهم، رحمه الله، الدور الأكبر بتعليمهم وتربيتهم التي لا تستحمل المجاملة.
وقال خالد عن أخيه عبد الله: قرأت فيه نفسي يوماً، وأقرأ نفسي فيه اليوم، أعشق العربية الفصحى، وأكتب الشعر بالعامية، اسمحوا لي أن أكون متناقضاً، فأنا (إنسان).
وبدأ يشدو بقصيدة: (أستاذ العمر) قائلاً:
يا سيدي يا خوي يا أستاذ عمري/ علمتني وزن الحكي قبل الأشعار
إن جاز لك يا سيد الشعر شعري/ تراه من فضلة معانيك تذكار
مديون لك بلسان قلبي وفكري/ باللي يصير وبالذي ما بعد صار
علمتني وأنا بالأحوال مادري/ ودليتني وأنا بالأيام محتار
فتحت لي صدرك وغذيت صدري/ وحطيت به للعلم والعرف مقدار
ومديت لي يمناك من يوم صغري/ ونقلتني من صغر لكبار وإكبار
وأجلستني في مجلس العلم بدري/ في مجلس للفكر وقفة ومسيار
وأسقيتني نبع من الجود يجري/ عليه وراد ونازل وصدار
وأسمعتني ترنيمة المجد تسري/ من جدك الأول إلى نسل الأبرار
ومديت لي شوفي ورا حد عصري/ وشاهدت أنا المسرح قبل رفع الأستار
ولولاك ذاك الوقت حيرني أمري/ ولولاك ما جاني على الصبر مقدار
ودي أعبر عن جميلك وشكري/ لا شك مالي مقدريه ولا كار
محدود شعري يا أشعر الناس عذري/ فضلك بحر والشعر مقطور قطار
وصدق الشاعر العربي القديم، عندما قال:
أخاك أخاك إن من لا أخ له/ كساع إلى الهيجا بغير سلاح