بقلم - مشعل السديري
قبل سنوات عدة ذهبت إلى جبل النور في مكة المكرمة، وصعدت إلى غار حراء، وهالني منظر العشوائيات التي في سفح الجبل، وأكوام الزبالة في طريقي للصعود، والروائح التي تزكم الأنوف و(تصرع الطير الحايم)، والكتابات والعبث والألوان التي لطخت صخور الغار، وتألمت جداً، وكتبت عن صدمتي فيما شاهدته.
أما الآن، فقد سمعت أن الحال تغير من الأسوأ إلى الأحسن 180 درجة، بعد إنشاء (الهيئة الملكية) للمحافظة على المشاعر المقدسة وتطويرها، ولكي أطمئن من ذلك اتصلت برئيسها الدكتور وائل حلبي، فأكد لي أن العمل مستمر ويجري على قدم وساق في سباق مع الزمن، وحصر المواقع التاريخية والمشاعر المقدسة، والعمل على تطويرها وتأهيلها وفق منظومة عمل متكاملة، وتوفير الخدمات المعرفية والثقافية واحتياجات الزوار وتصنيف المواقع، فشكرته ودعوت له وللعاملين معه، وقلت بيني وبين نفسي: أن تصل متأخراً خير من ألا تصل (بألف مرّة). وللمعلومية:
فلا يكاد يمر جبل في السعودية إلا وله اسم ضارب في القدم، فكل الجبال والهضاب ذات أسماء خلدها الشعراء بأسمائها القديمة التي لا يزال بعضها يحمل الاسم نفسه منذ آلاف السنين.
فمثلاً جبل عرفات من المشاعر المقدسة والوقوف عليه من الفضائل، وإنه كما تقول بعض الروايات، المكان الذي تعارف فيه أبونا (آدم) على أمنا (حواء) – والله أعلم.
وكذلك جبل النور؛ وسمي بهذا الاسم نسبة لانبعاث النور منه برسالة النبي - عليه الصلاة والسلام - واسمه القديم جبل حراء. ويضم الجبل الغار الذي تعبد فيه الرسول الكريم قبيل نزول الوحي عليه، ومن هذا الجبل انطلقت رسالته للعالم أجمع، وهو يقع شمال شرقي المسجد الحرام، ويبلغ ارتفاعه 642 متراً ويبعد عن الحرم 4 كيلومترات.
كما أن هناك جبل ثور، ويقع جنوب مكة، فمنه انطلقت الهجرة النبوية بعد اختباء الرسول الكريم وصاحبه أبي بكر في هذا الجبل ثلاثة أيام قبل أن يسلكا طريق الهجرة في رحلة شهيرة انطلق منها التاريخ الهجري الحديث.
وأروع ما ستفعله الهيئة، أنها سوف تحوط هذه المواقع بالحدائق الغناء، وستقيم متحفاً ومعرضاً ومركزاً للزوار، وتوفر مساراً لزيارة معظم المعالم التاريخية، بواسطة حافلات مكيفة بطريقة سياحية تعليمية مشوقة، وطول المسار 87 كيلومتراً، ومدة الجولة ثلاث إلى ست ساعات.
وفي النهاية، سوف آخذكم إلى المدينة المنورة، وفيها جبل من جبال الجنّة يقال له (أُحد)، وهو الذي أشار إليه رسول الله قائلاً: هذا جبل يحبنا ونحبه.