بقلم - مشعل السديري
في إجازة العيد قررت أن أقضيها في مدينة الطائف بالسعودية، وهذا ما حصل، وفوجئت بالأمطار الغزيرة التي تهطل كل يوم طوال مدّة إقامتي التي امتدت لأسبوع كامل، وأغلب الأمطار تبدأ من العصر وتستمر إلى ساعة متأخرة من الليل.
محسوبكم، الذي هو (أنا)، من كثرة غبائي كنت أخرج لأستمتع بالأمطار التي تُغرقني من (رأسي إلى كرسوعي)، ونتيجة لذلك أُصبتُ بنزلة برد شديدة، وأخذت (أكحكح) بوجه اللي (يسوى وما يسوى)، إلى درجة أن كل من يقابلني (يتلطم) خوفاً من أن أصيبه بعدوى.
وأخيراً عرفت أن هذه الأمطار ما هي إلّا حصيلة استمطار السحاب، حسب الخطة المرسومة التي فعّلها المركز الوطني للأرصاد بالعمليات التشغيلية والرحلات الجوية للمرحلة الثانية لبرنامج الاستمطار على مناطق المرتفعات الجنوبية الغربية، حيث تشمل الطائف والباحة وعسير وجازان، إضافةً إلى سواحلها، استكمالاً لأعمال المرحلة الأولى من برنامج استمطار السحب على مناطق الرياض والقصيم وحائل والشمال.
وإن العمليات الأرضية والجوية تحقق نجاحاً حسب التقديرات الأولية من المختصين والخبراء، من خلال الجدول الزمني ودقة التطلعات الجوية في استهداف السحب، إضافةً إلى ما يقوم به الفريق الفني للبرنامج من تحليل للبيانات المناخية الفصلية بصورة مستمرة، لتحديد المناطق ذات الظروف الجوية المناسبة لبدء عمليات الاستمطار منها في المراحل القادمة، بهدف زيادة الهاطل المطري على مناطق المملكة كافة، لينطبق عليها فعلاً اسم: (السعودية الخضراء).
وكانت السعودية ثاني دولة في العالم بعد الصين، تنطلق بهذه (الخطة الثوريّة العلميّة الرائعة)، التي تعطي أُكُلها بشكل طبيعي من دون أي منّة من أحد.
وقد سبق للسلطات الصينية أن صرّحت بخطة جاهزة لاستجلاب الأمطار والثلوج فوق مساحة شاسعة تبلغ 1.6 مليون متر مربع، كما ستُشرف على العملية (هيئة علوم وتكنولوجيا الفضاء) التابعة لحكومة الصين، وتتم العملية ببناء عشرات (غرف الاحتراق) على سفوح هضبة التبت، والتي تقوم بدورها بتوليد جزيئات (اليوديد الفضي) وضخّها مباشرةً باتجاه السحب، ونتيجة لذلك تحرّض هذه الجزيئات بخار الماء على أن يتكاثف بشكل أكبر، مما يَنتج عنه تشكيل الغيوم التي تُنزل المطر. وما يميز الصين عن بقية الدول في الاستمطار هو استخدامها الطائرات العسكرية خلال تحريض تكاثف البخار، بهدف تنقية أجواء المدن المزدحمة والملوثة، ومن المعروف أن الصين بدأت عمليات الاستمطار عام 2013، وتُنتج سنوياً ما يقارب 55 مليار طن من الأمطار الصناعية، التي بواسطتها استطاعت أن تكتفي من محاصيلها الزراعية بتغذية ما لا يقل عن (مليار وخمسمائة مليون) إنسان من مواطنيها.