بقلم : مشعل السديري
بعث لي أحد الإخوة من مصر رسالة، وهو كان يعمل في شركة الكابلات السعودية بجدة، واسمه محمد علي النور شرف، وجاء فيها:
وأرجوك بالله عليك بقراءتها ونشرها لكي أحملها معي كذكرى كتبتها ونشرت بجريدة أعتز بها.
في البداية عندما ركبت الطائرة كنت أفكر بالمثل القائل: (اللي طلع من داره قلّ مقداره)، وبعد أن وصلت إلى جدة كنت أفكر بالعودة في أسبوعي الأول لعدم تعودي على الغربة، ولكن يوماً بعد يوم تزداد صداقتي، وعاماً بعد عام يزداد حبي لجدة وأهلها خاصة والسعودية عامة، وهذه شهادة لله، فأنا أحمد الله بأن كتب الله لي بأن عشت أكثر من الأربعين عاماً بأرض الحرمين الشريفين، فطيبة أهل السعودية تشعرك بأنك وسط أهلك وليس غريباً.
ففي السعودية من يحترم نفسه ويحترم النظام، والقانون فوق الجميع سواء أكنت وافداً أم حتى ابن البلد لا أحد فوق القانون، أحد أصدقائي صدمت سيارته من سيارة أخرى، وكان قائد السيارة من منسوبي مرور جدة، وبالفعل حكم لصالح صديقي وقيد الخطأ 100 في المائة على الطرف الآخر والله شهيد على ما أقول، وهناك أمثلة كثيرة حكمت لصالح الوافدين، فالعدالة فوق الكل.
وفي يوم من الأيام من كرم ضيافة السعوديين دعاني صديقي السعودي لحضور فرح أخيه، وذهبت وجلست مع بعض الأصدقاء نتسامر ونحكي، وفجأة سمعت من بجواري يهلل بصوت عالٍ: (الكبسة) جات، الكبسة جات. وقفت مفزوعاً وهرولت نحو الباب جرياً ممسكاً بطرف ثوبي بأسناني وكأنني في سباق ماراثون للجري، ولحقني أحد الأصدقاء وقال لي وهو يلهث من الجري ورائي: ايش بيك يا أبو حميد؟! مالك فزعت وجريت؟! قلت له: ازاي أستنى لغاية ما الكبسة تجي تمسكني؟! هو أنا عملت حاجة، ده أنا والله بأحبكم. قال لي: يا أخي، الكبسة هي الأكلة المفضلة عندنا الرز باللحمة.
عدت وقلت لهم: أنا آسف لأن الكبسة عندنا في مصر تعني مداهمة بوليس، ونسيت معنى الكبسة المصرية وأخذت ألتهم الكبسة السعودية اللذيذة.
عموماً فالسعودية كوطني وموطني الذي عشت على أرضها ولم أجد ما يعكر وجودي بها، وإلّا لماذا عشت بها السنين الطوال؟! – انتهى.
وأنا بدوري أشكر الأخ محمد شرف على مشاعره، وأقول له: إننا نبادلكم نفس الشعور ونعتبر مصر هي وطننا الثاني الذي نعتز ونفتخر به، وللمعلومية فقط، فأول البعثات التعليمية السعودية كانت إلى مصر، وأول المهندسين والأطباء والمعلمين الذين أتوا للسعودية كانوا من مصر أيضاً، وكلانا نقول: (الاعتراف بالحق فضيلة).