بقلم:حسن المستكاوي
** مخاطبة الناس، والرأى العام، ثقافة عميقة، وسيبقى دائما هذا رأيى فيما يتعلق بالشخصيات العامة وبالمسئولين، وبالإعلام أو بالمدربين والإداريين. ويقدم لنا أهل الغرب فى بعض الأحيان دروسا فى هذا الفن، فن مخاطبة الرأى العام والجمهور. وهذا الجمهور قاعدة عريضة تقدر بالملايين. ومثال ذلك تصريح قيصر ريال مدريد أنشيلوتى بعد الفوز على ريال سوسيداد 2/ صفر بركلتى جزاء سجلهما فينيسيوس جونيور وكيليان مبابى فى الشوط الثانى. حيث قال فى المؤتمر الصحفى لم نكن نستحق الفوز، كانت مباراة صعبة، وتعرضنا للهجوم والضغط من منافسنا وصمدنا. ومع ذلك قال المدرب الإيطالى أنه خرج من المباراة راضيا للفوز بثلاث نقاط. وعلى الرغم من الإعتراض على مقولة المهم الفوز وليس الأداء، فإن الرجل اعترف بأنه لم يكن يستحق الفوز أصلا فى مؤتمر صحفى، ومدرب آخر فى بلد آخر سيخرج بهذا الفوز متحدثا عن خطته، وفلسفته، وأنه لعب على أخطاء منافسه واستغلها.
** وفى الدورى الإنجليزى واجه مانشستر سيتى فريقا قويا وشرسا وسبب له معاناة كبيرة، حيث تقدم برنتفورد بهدف مبكربعد 22 ثانية فقط، ولعب بالطريقة الإيطالية الشهيرة على الهجمات المرتدة، وبصعوبة نجح السيتى فى الفوز بالمباراة بهدفين مقابل هدف، وهو الفوز الذى سمح له بالتغريد وحيدا على صدارة المسابقة برصيد 12 نقطة فيما تعثر ليفربول الذى خسر أمام نوتنجهام فورست صفر / 1. وقال بيب جوارديولا، مدرب مانشستر سيتى، بعد المباراة أن فريقه كان محظوظا، وأنه يحترم الدنماركى توماس فرانك مدرب برنتفورد الذى استدعى تجربة منتخب الدنمارك فى بطولة أوروبا 1992. ومنذ سنوات ربما 8 أو 9 سنوات لم أشاهد فريقا يلعب بهذا الأسلوب. لكن الحظ ساعدنا فى الشوط الأول حتى تفوقنا فى الشوط الثانى وتقدمنا بهدفين. والمباراة تؤكد صعوبة البريمير ليج وكيف أن البطولة طريقها شاق للغاية.
** تلك التصريحات تعكس صدقا مع الناس ومع الجمهور ومع النفس، واحترام المنافس وتقديره من صميم قيم الرياضة، وفى بلد آخر ومن مدرب آخر سيكون الاعتراف بالحظ الذى لازم فريقه أو ساعده جريمة لا تغتفر ولو صرح بذلك مثل جوارديولا لربما طالبه ناديه ببيان اعتذار لجماهير الفريق. لكن الصدق فى مخاطبة الناس مسألة أبسط كثير من العقد ومن الادعاء بالقوة المفرطة كأن المدرب طرزان.
** من إسبانيا وإنجلترا إلى الكويت، فقد تقدم مجلس إدارة الإتحاد الكويتى لكرة القدم باستقاله جماعية بسبب الأحداث التى صاحبت مباراة الكويت والعراق فى تصفيات الدور الثالث لآسيا لكأس العالم القادمة، وانتهت بالتعادل، لكنها شهدت زحاما يفوق طاقة استاد جابر الأحمد، وتعرض بعض الجمهور للإغماء بسبب درجات الحرارة العالية خاصة مع فرض الحظر على دخول زجاجات المياه كما عجز جمهور يحمل تذاكر المباراة عن دخول الملعب. وكانت الاستقالة اعترافا بالخطأ وبالمسئولية عن الفوضى والأخطاء التى صاحبت تنظيم المباراة. واتحاد آخر فى بلد آخر كان سيغض النظر عن الأخطاء وعن الفوضى وعن الأحداث كلها كأنه غير مسئول وربما وجه اللوم إلى الجمهور الذى تسبب فى الاندفاع، وتسبب فى الفوضى وتسبب فى الزحام.