بقلم: حسن المستكاوي
** نتائج منتخب الشباب فى بطولة أفريقيا، وهزيمة الزمالك من الترجى ثم تعادل الأهلى مع صن دوانز، عكست فروق المستوى فى ممارسة كرة القدم على المستوى القارى، وكشفت للمرة المائة حقيقة مستوى الكرة المصرية سواء للمنتخبات أو للأندية مقارنة بمنافسين جدد، أو بمنافسين قدامى وتقليديين. والموضوع ليس بذاك التسطيح المستمر عن أسباب هزيمة فريق أو خروج منتخب بخفى حنين من بطولة، فلا هو المدرب وحده، ولا هو تشكيل المدرب، ولا هو تغييرات المدرب. فالأمر يرجع إلى فلسفة ممارسة الجميع لكرة القدم بدءا من الإدارة الممثلة فى الاتحاد ثم الإدارة فى الأندية التى قتلت المواهب الناشئة بحجة الصفقات والحاجة إلى اللاعب الجاهز، فتحنا باب الاستيراد فيما يسمى مزاد الصفقات والمعايرة بين أكبر ناديين!
** الأزمة عميقة وقديمة، ومن مظاهرها ما عرف بخطاب الأهلى المخفى فى بطولة أفريقيا، وقيد لاعبى الزمالك. وغير ذلك من أداء إدارى ينم عن سوء نوايا أو سوء تخطيط أو سوء تقدير وكل واحدة من الثلاث تكفى لإقالة اتحاد. على الرغم من شبح التدخل الحكومى الذى يحوم دائما حول الرياضة المصرية، بينما هذا الشبح يمرح ويلعب فى أوروبا وفى غيرها!
** الجميع تعامل مع خروج منتخب الشباب من بطولة أفريقيا باعتباره مسئولية المدرب محمود جابر وحده. وكيف منح شرف تدريب الفريق، مع أنه المدرب نفسه الذى قاد الفريق نفسه إلى نهائى البطولة العربية للشباب، وكاد يرفع فوق الأعناق لولا أنه خسر المباراة النهائية. القضية ليست المدرب وحده، وإنما ضعف الإعداد للبطولة، وضعف الجانب البدنى للاعب المصرى مقارنة باللاعبين الأفارقة، وضعف الإعداد الذهنى، وضعف القوة البدنية، وأضف إلى ذلك حياة اللاعب خارج الملعب سواء فى الطعام والتغذية الصحية أو عادات النوم والسهر.. فكل هذا لا علاقة له بقطاع البطولة أو الاحتراف.
** تجلى هذا الهزال والضعف الكروى فى يوم واحد من أيام الكرة المصرية، والآن علينا أن نسأل أنفسنا: كيف نمارس الرياضة؟ كيف تجرى مسابقاتنا المحلية فى لعبتنا الشعبية الأولى وهى كرة القدم؟ كيف ننتقى المواهب ونبنى الملاعب؟ كيف يعيش المدرب حالة التدريب على مدار الساعة؟ كيف يستعين بأحدث وسائل التدريب المساندة؟ كيف يسجل القياسات والإحصائيات عن لاعبيه؟ كيف نرفع مستواه ببعثات لسنوات فى الدول المتقدمة رياضيا لينقل لنا ما نقله رفاعه الطهطاوى منذ عشرات السنين؟ كيف يسمح الاتحاد بتلك الفوضى فى حركة المدربين بين الأندية؟ كيف سمحت الأندية لنفسها بمزادات الصفقات وبمرتبات مكلفة للاعبين فى لعبة تخسر ماديا؟ كيف يُعين شخص يدعى فينجادا مديرا فنيا للاتحاد دون أن يفعل شيئا وقد حضر وذهب دون أن يقدم أحدا لنا ما قدمه الرجل؟ كيف نستخدم خطابا بليدا وقديما ووهميا وغير حقيقى فى مخاطبة الرأى العام، كيف أصبحت مباريات عنق الزجاجة هى مبارياتنا؟ كيف ننفرد بأننا نستورد لاعبين لا يلعبون؟ كيف نعتبر التأهل لكأس العالم بطولة ثم نذهب إلى كأس العالم ولا نلعب كرة القدم وإنما شىء قريب من رياضة «الكنجعو؟» كيف نمارس الرياضة باستمتاع وليس بغضب؟ كيف نحول الرياضة إلى سلعة مربحة؟!
** لن تجدوا إجابة واحدة على أى سؤال. فنحن الآن فى زمن طرح الأسئلة لمن يشاء، وعدم إعطاء إجابة لمن يريد. وقديما كنت أسأل: كيف يفوز منتخب بكأس أفريقيا 4 مرات فى 25 سنة ولا يتأهل للمونديال؟ وكانت ألطف إجابة أننا نجيد اللعب فى البطولات المجمعة، ولا نجيد اللعب فى مباريات الذهاب والعودة، ومضى هذا القول وهذا التفسير مثل حركة النار فى الهشيم، وكان ذلك بالضبط هو حركة الجهل فى التفسير..!
** لا يوجد عندى أى جديد فيما جرى وفيما نراه ويوم نصنع مشروعا حقيقيا لكرة القدم، ويوم نعرف ما هو المشروع، ونعرف ما هو تعريف الكرة المصرية أصلا قد نملك شيئا جديدا يومها للحديث!