بقلم : حسن المستكاوي
** فى قصص الأندية الشعبية الكثير من الأسباب التى تصنع ملايين من المشجعين، فربما يكون جمهورك كنادٍ ينتمى إلى منطقة أو إحدى المدن وهو ما يكفى مثلًا فى الدورى الإنجليزى لوجود جمهور فى كل مباراة. وقد يكون السبب يعود إلى التاريخ بوجود سباق اقتصادى أو فنى أو على نجوم. وكما فى حالة الأهلى والزمالك ولدت الشعبية من قوة المنافسة بين الفريقين فى أول 40 عامًا من عمريهما.. لكن أنت نادٍ لا تملك جهورًا عريضًا فى عام 2024.. فكيف تصل إلى جمهورك؟
** المهندس ماجد سامى، أحد من مؤسسى نادى وادى دجلة، اختصر الإجابة عن السؤال فى كلمة واحدة: «الحب». سألته: كيف؟ أجاب: الحكاية بدأت بصورة على مواقع التواصل الاجتماعى لناظر مدرسة منشية رضوان الابتدائية، وهو يلعب كرة القدم مع التلاميذ. الصورة جذبتنى. وقررت التعرف على هذا الرجل التربوى الذى وجد كرة القدم كوسيلة لحب المدرسة والمواظبة على الدراسة. وتوجهت إلى المدرسة خاصة أنها تقع فى دائرة المنطقة التى أقيم بها، وهى المنصورية.
** كانت أول زيارة للأستاذ سامى عبدالكريم ناظر مدرسة منشية رضوان، يوم 10 أكتوبر الماضى، فقد أسرنى بحبه لمدرسته ولتلاميذه ولقريته ولبلده. وسألته: ماذا تحتاج كى يلعب تلاميذك كرة القدم ولممارسة بعض الأنشطة الأخرى. وبدا الناظر محرجًا وراضيًا بما يقدمه، وبدا أيضًا أنه يخجل من طلب أى شىء، وبعد إلحاح قال إنه يحتاج إلى كرات وآلات موسيقية، وعلبة ألوان وكراسة رسم لكل طالب بالمدرسة.
** فى اليوم التالى كان المهندس ماجد سامى قد أرسل ما طلبه ناظر المدرسة، وهنا بدأت علاقة مباشرة بين ماجد سامى وبين تلاميذ المدرسة وبدأت أيضًا علاقة مباشرة بين فريق وادى دجلة لكرة القدم وبين منطقة منشية رضوان. ويقول المهندس ماجد سامى تطورت العلاقة لتطول 83 مدرسة تضمها المنطقة التعليمية، وكان الحب المتبادل والإيمان بالناس وبالتواصل معهم وراء تشكيل قاعدة عريضة من المشجعين لوادى دجلة مصحوبة بمشاعر محبة وتقدير لشخصى ما جعلنى أشعر بسعادة غير مسبوقة، وهو ما جعلنى أن أقرر بناء مدرسة رياضية ونادٍ رياضى فى المنطقة بما يسمح بتطوير مهارات الموهوبين من تلاميذ المنطقة التعليمية فى تلك السن الصغيرة.
** كان ماجد سامى طلب من محمود مرعى، نجم فريق بيراميدز، وأحد ناشئى وادى دجلة سابقًا التوجه للمدرسة وتقديم الكرات وشباك المرمى وبعض الأجهزة الأخرى التى تساعد التلاميذ على ممارسة اللعبة، وهو ما كان له أثره الإيجابى على التلاميذ، لأنه نجم معروف لديهم.
** والآن أصبحت المنطقة التعليمية فى منشية رضوان تضم الآلاف من التلاميذ الذين يشجعون وادى دجلة. وأصبح ماجد سامى يرعى 72764 تلميذًا فى 83 مدرسة بالمنطقة التعليمية. وهو يرى ذلك شرفًا كبيرًا له أصابه بسعادة غامرة. ووجه الشكر إلى والده الراحل الذى علمه حب الناس. ليفوز بما لا يعوض وهو حب الناس كرد فعل تلقائى وطبيعى للمشاعر الصادقة النابعة من القلب. والطريف أن مباريات وادى دجلة باتت تحظى بجمهور من المشجعين، الذين باتوا ينتمون إلى النادى ولفرقه الرياضية.
** وتكررت التجربة مع مدارس أخرى، مثل مدرسة ذات الكوم، ومدرسة أحمد فؤاد شهدى، وغيرها من مدارس منشأة القناطر، وأصبحت هناك رابطة مشجعين لوادى دجلة فى منشية رضوان. فماذا لو تكررت مثل هذه القصة فى مناطق مصر التعليمية المختلفة من جانب رجال أعمال وشركات، لنصنع فى قرابة 400 منطقة تعليمية جيلًا من أصحاب المهارات، وتفوز بعض الأندية بقاعدة كبيرة من المشجعين بمشاعر انتماء صادقة.. هكذا يمكن أندية شعبية وهكذا يمكن أن تصل إلى جمهورها؟