مهنة البحث عن «الاحتراق»

مهنة البحث عن «الاحتراق»

مهنة البحث عن «الاحتراق»

 العرب اليوم -

مهنة البحث عن «الاحتراق»

بقلم : حسن المستكاوي

** برحيل الكابتن ميمى الشربينى يظل جيل من أجيال عشاق كرة القدم يحتفظون بتعليقاته وجمله الفريدة التى استخدمها فى تعليقه على المباريات، ولكنه لم يكن مجرد معلق اعتنق مدرسة التلقائية بانفعال صادق وعفوى لأهداف أو إبداعات من لاعب. ولم يقتصر انفعاله وتعليقاته على اللاعبين، فهو صاحب تعبير من أدق التعبيرات عن المدربين: «مهنة البحث عن الاحتراق».. فكيف وصل الشربينى إلى مثل هذا الوصف الذى يجسد صعوبة مهنة التدريب فى عالم كرة القدم، وهو العالم الذى يصعد بالمدرب إلى النجوم ثم يسقطه بالنتائج السيئة إلى الأرض، فالمدرب هو زميل الحكم، فى قسوة النقد.
** ظهر الشربينى وسط جيل رائد وعملاق رحل بعضه وترك علامة وبصمة، وتوارى بعضه لظروف التقدم فى العمر. جيل كوَّن فريقا عظيما فى فنون التعليق ومدارسه مثل محمد لطيف وعلى زيوار، وحسين مدكور، والجوينى، ومدحت شلبى، ومحمد حسام، والكيلانى، ومحمود بكر. وبدا الشربينى كأنه يتسلق جبلا عاليا من أجل أن يثبت نفسه فى مهنة صعبة تواجه ملايين المشجعين فى لحظة، وعليه أن يزن كلماته بميزان من ذهب، كى يصل إلى هذا الجمهور العريض.. فماذا فعل ميمى الشربينى؟
** اعتمد أسلوبين، الأول هو التلقائية فى الانفعال، والثانى إضافة الإحياء بالتلقائية وهو يستخدم تعبيراته وجمله الشهيرة، التى أعدَّ بعضها مسبقا، وكان يمسك دائما بأجندة يدوِّن فيها معلوماته، وتعبيراته، مثل وصفه لمهنة التدريب، وقد مارس هو شخصيا هذه المهنة مدربا لمنتخب الإمارات، ومدربا لفريق غزل دمياط. وفى يوم من الأيام سألته فى حوار شخصى: لماذا لا تدرب فريقا كبيرا بما تملكه من خبرات كلاعب لمدة 14 عاما فى الفريق الأول للنادى الأهلى؟
** أجاب الشربينى بذكاء: «صعب جدا تدريب فريق يلعب على احتمالين لا ثالث لهما، الأول هو الفوز بالمركز الأول، والثانى هو الفوز بالمركز الأول. بينما تدريب فريق من أجل البقاء فى الممتاز أو فى منطقة وسط الجدول يعد نجاحا، وتلك تكون فرصة جيدة للمدرب».
** أظن أن هذا رأى مدربين آخريين. إلا أن الشربينى كان قد قرر أن يكون معلقا بارزا وفى مقدمة الصفوف؛ ولذلك قرر أن يبتكر جملا أثناء التعليق، ثم تسلح بالقراءة والمتابعة، والتجديد من خلال الصحف والمجلات الرياضية، واستعمل جملة: «القادمون من الخلف» من واقع تجربة الأمم الأوروبية عام 1984؛ حيث تألق منتخب فرنسا واعتمد مدربه ميشيل هيدالجو على دور خط الوسط، وكان خط الوسط هو صيحة الكرة فى تلك الفترة. وكان الشربينى معلقا وصحفيا، يملك حاسة الصحفى وقد أدرك أن كاميرا التليفزيون تنقل كادرا للمشاهد، لكن عينه يمكن أن تنقل للمشاهد ما لا تراه الكاميرا، فكان يجول بنظره فى المدرجات ويلتقط صورة ما أو مشهدا ويعلق عليه أثناء التعليق، وفى الوقت نفسه كانت عينه الصحفية تلتقى مع عدسة الكاميرا فى مشهد مشجع يبكى أو سيدة تضحك، فتخرج منه كلمات تلقائية يستقبلها المشاهد بسعادة؛ لأنه وجد من ينقل مشاعره هو كمشجع فى تلك اللحظة.
** ظل الشربينى يطور ويجدد، ويجيد تحديد الرتم فى التعليق فهو ليس زاعقا وصارخا دائما، ولا هادئا طوال الوقت، ولا يفتعل لزمات وجملا محفوظة، يحتكرها ويكررها دون ملل كأنها وسيلة تعريف له. لم يكن يفعل ذلك، وإنما ترك التلقائية والفطرة تتحدث، وتكلم الجمهور. ونجح فى ابتكار التلقائية المسبقة فى مزج عبقرى، يساوى «العامية الفصحى» فى الكتابة والشعر والخطابة؟
** رحم الله المعلق المبتكر، المبدع، ميمى الشربينى.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهنة البحث عن «الاحتراق» مهنة البحث عن «الاحتراق»



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab