بقلم - حسن المستكاوي
* فى الدقيقة 93 سجل مصطفى محمد هدف الفوز لمنتخب مصر على الرأس الأخضر. واشتعل مصطفى بالفرحة وأشعلنا جميعا. فقفزنا وجرينا وسبقنا ظلنا، فالقلوب كادت أن تتوقف. وأضاف لفرحتنا الغامرة أن مصطفى قدم عرضا فريدا فى استقبال الكرة وجعل مدافع الرأس الاخضر خلفه، وسدد الكرة من فوق رأس حارس الرأس بمنتهى البراعة. وأخذ مصطفى يحتفل بجنون، وأخذنا نحن أيضا نحتفل بجنون، لدرجة أن الدقائق الباقية من الوقت الضائع لم نهتم بمتابعتها.. وهكذا أيضا لم يبدُ أن منظومة دفاع المنتخب كلها لم تكن مهتمة بالمتابعة. فكانت النتيجة أن لاعبا يدعى برايان تيكسيرا من الرأس الأخضر سجل هدف التعادل لفريقه بعد 6 دقائق من هدف الفوز لمصر. وكان هو الهدف السادس الذى يهز شباك المنتخب فى 3 مباريات.
** هل يمكن أن أصف « صوت الصمت»؟ هل للصمت صوت؟ هل يصرخ الصمت؟ ياه.. كم نحب كرة القدم، وكم نحب لاعبينا، وكم نحب مصر؟ نعم، ويكفى أن تتابعوا فرحة المصريين. وفرحة الشعوب بانتصارات منتخبات بلادها. كل الشعوب. من اليابان إلى البرتغال، ومن إنجلترا إلى نيوزيلندا، فقد قال علماء الاجتماع الذين درسوا كرة القدم كظاهرة إنسانية: «انتصارات فرق اللعبة تمثل انتصارا شخصيا لجماهيرها، وتمثل كبرياء الأمم».
** فى الدقيقة التاسعة من الوقت المحتسب بدل الضائع عندما سجل لاعب الرأس الاخضر الذى يدعى برايان تيكسيرا هدف التعادل، وران الصمت حولى، شعرت أن دمعة من عينى ترغب فى أن تجرى، يا إلهى.. كنا نجرى من الفرحة قبل دقائق. وها هو الصمت يخنقنا ودموع الإخفاق تكاد أن تقتلنا. وفى نفس اللحظة، التى كادت أن تتوقف فيها الحياة، كانت عزيزتى وحبيبتى وروحى موزمبيق تسجل هدفين فى مرمى غانا فى الدقيقتين 91 و94، لتتعادل الافاعى السوداء، مع النجوم السوداء، فينبض القلب مرة أخرى بالفرحة، والاحترام للعب النظيف الذى قدمه منتخب موزمبيق. والمدهش أننى أخاف طول عمرى من الافاعى، ولكن كرة القدم جعلتنى مستعدا لأن أحتضن أفعى وأقبلها..!!
** يا إلهى.. كما يقول المعلق السعودى الشهير فهد العتيبى: ما هذا السيناريو المجنون.. هل يمكن أن تصدق تأهل منتخب مصر بهذه الصورة إلى دور الستة عشر؟ هل لو حكت لك قارئة فنجان تلك الحكاية القصيرة كنت ستصدقها، وهى تحدثك عن الذى تراه فى فنجانك المقلوب؟ إن تلك الدقائق العصيبة ولدغتى أفاعى موزمبيق فى مرمى غانا ترتب عليهما تأهل خمسة منتخبات فورا إلى دور الستة عشر دون أن تلعب فى الجولة الثالثة، وهى منتخبات المغرب، وغينيا، وأنجولا، وبوركينا فاسو ومالى حيث يملك كل من هذه الفرق 4 نقاط، وهو ما يضمن لكل منها التأهل ولو كافضل الثوالث كحد أدنى.
** عن هدفى موزمبيق قال نجم غانا محمد قدوس: «الهدفان أصابا مرمانا لعدم التركيز».
** إن عدم التركيز لأى سبب فى أى لحظة فى أى مبارة يمكن أن يكلف الفريق، أى فريق ثمنا باهظا جدا. وهذا كان يمكن أن يصيب المنتخب الوطنى، ليس فى هذه المباراة فقط، وإنما فى كثير من المباريات، وقد بقيت لنا مباريات، ويجب أن يعود للمنتخب ما يفقده.
** هذا المقال يروى ما مضى فى خيالى فى 6 دقائق، وهى الفترة ما بين هدف مصطفى محمد وهدف تعادل الرأس الأخضر، وهدفى حبيبتى موزمبيق فى مرمى غانا.. والحديث الفنى له وقته إن شاء الله.