من الميليشيات إلى القبائل استنبات الثورة وتجريف الهويات

من الميليشيات إلى القبائل: استنبات الثورة وتجريف الهويات

من الميليشيات إلى القبائل: استنبات الثورة وتجريف الهويات

 العرب اليوم -

من الميليشيات إلى القبائل استنبات الثورة وتجريف الهويات

بقلم - يوسف الديني

جزء من فهم تضخم عسكرة المنطقة وتحول عدد من العواصم العربية، التي ابتلع جزءاً كبيراً من سيادتها نظام طهران، يقودنا إلى تحولات تتجاوز بناء الأذرع والميليشيات المدعومة إلى تجريف الهويّة وإعادة تشكيل المجتمعات وفق استثمار طويل الأمد، لخلق قواعد عميقة مبنية على رافعات متجذرة ومنها «القبائلية» السياسية.

«الحرس الثوري» المؤسسة الأبرز في استراتيجية تصدير الثورة - الذي وصفه الخميني ذاته بقوله: «لو لم يكن حرس الثورة ما كانت الدولة، إني أوُقر الحرس وأُحبهم وهم جيشنا العقائدي وعيني عليهم» - ينشط في سوريا، وتحديداً في منطقة القبائل العربية في الشرق على تطوير مشروع تحالف ضخم لا يسلط عليه الضوء عادة مع تركز الاهتمام على الأحداث، وليس المشاريع التقويضية التي لا تتخذ طابع الحرب وتتغذى على أرقام الضحايا، وهو أمر متفهم إذا ما أخذنا في الاعتبار الصناعة الخبرية والإعلامية، لكنه ألا يجب أيغفل عنه الباحثون والمحللون لجزء من أزمات المنطقة ووقوعها أمام حالات انسداد سياسي متعددة الأوجه؛ الكيان الإسرائيلي من جهة، والسلوك الإيراني من جهة أخرى، في ظل أزمات وارتكاسات عربية.

شرق سوريا اليوم هو نموذج مستنسخ من تجربة «الحرس الثوري» في حلب يقوم على إعادة إنتاج الحالتين اللبنانية واليمنية، عبر خلق مناخ استثمار في البنى والقوى المجتمعية والاقتصادية وإدارتها وتدريبها بشكل مباشر.

اللافت أن حالة الاستقطاب والاستثمار انتقلت من مرحلة استيراد مجموعات تطوعية من جماعات الإسلام السياسي الشيعي، والتنظيمات المتطرفة المنبثقة منه من الخارج، إلى محاولة تدشين حواضن اجتماعية قبلية، من تلك الميليشيات التي تم جلبها من «لواء أبو الفضل العباس»، و«لواء الإمام الحسين»، بهدف إدارة المناشط الدينية والثقافية والتوجيه العسكري والأمني، وهي وظيفة مزدوجة ساهمت في التوسع في النطاق الجغرافي لما أصفه بمشروع «استنبات الثورة» وليس تصديرها، وشمل ذلك في الحالة السورية مناطق مثل حمص وحلب ودير الزور، رغم أن الفوارق الثقافية ساهمت أيضاً في مشاريع نبذ مضادة، لكنها بسبب افتقار موقف عربي موحد في التعاطي مع المسألة السورية ومشاريع الهويّة، أصبحت أكثر حضوراً في سوريا، إحدى عواصم العروبة والقومية، وهنا نتحدث عن نفوذ غير مسبوق في حلب ذات الأكثرية السنية، التي تحولت قبائل فيها ومنها قبائل البقارة إلى الإسلام السياسي الشيعي، منذ اشتداد سنوات ما سمي بالربيع العربي وما بعدها، وغدت هذه القبائل المتحوّلة هويّاتياً وسياسياً منخرطة في العمل السياسي والاجتماعي وإدارة الحكم المحلي.

وبحسب ورقة بحثية كتبها كايل روبرتسون، المتخصص في الملف السوري ونشرت في معهد واشنطن لتحليل السياسات، تحدث فيها عن انشقاقات لزعماء القبائل العربية في بدايات الثورة، ثم عودتها مع الاستقرار النسبي، لكن مع تحول صوب الميليشيات المستنبتة، ومنها لواء الباقر أكبر ميليشيا تابعة لقبيلة البقارة، وهي الملاحظة ذاتها على ما يتعزز من معلومات عن منطقة شمال غربي سوريا وتعمق نفوذ «الحرس الثوري» برافعات قبائلية عشائرية تحت شعار «فيلق المدافعين عن حلب»، ويتبعه آلاف الأعضاء الموالية لطهران كجزء من ردات الفعل والتحولات بعد عودة الاستقرار النسبي لتلك المناطق، واندحار التنظيمات الإرهابية المحسوبة على السنة في سياق التحشيد التي يحضر مشروع تجريف هويّتها أيضاً وفق رؤية طويلة الأمد، وذات امتدادات اجتماعية وثقافية لا ترصدها مؤشرات الارتهان لحوادث العنف أو الأخبار الإعلامية المثيرة، وهو مشروع يمتد اليوم إلى دير الزور ويتردد صدى «قوات القبائل» والعشائر العربية على مناطق واسعة من أرياف الحسكة والرقة في الشمال، كجزء من مناكفة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقع فريسة هذا الامتداد ومحاولة السيطرة على مخيمات فلول «داعش»، في ظل سياسات التخلي والإهمال الغربية من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية المتنصلة من عائلات الإرهابيين المنتسبين إليها.

ما علاقة هذا بما يحدث في غزة؟! ولماذا يتم طرحه في هذا التوقيت الذي يركز العالم إلى منع كارثة بشرية بسبب الصلف الإسرائيلي والتعنت الأميركي في اتخاذ موقف، هو أننا في ظل تفاقم الأزمة وتبعاتها أمام خيارات صعبة وقاسية جداً، فيما يتصل بحالة التحشيد والتجييش وعسكرة المنطقة وتصارع المشاريع التقويضية، وتجريف الهويّات يتجاوز ثنائية الضحية والجلّاد، إلى حالة عربية تتجه إلى تحولات قاسية ونكبات أبعد من الحروب لها تداعيات طويلة الأمد؛ وللحديث بقية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الميليشيات إلى القبائل استنبات الثورة وتجريف الهويات من الميليشيات إلى القبائل استنبات الثورة وتجريف الهويات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab