كأس العالم الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة

كأس العالم... الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة

كأس العالم... الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة

 العرب اليوم -

كأس العالم الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة

يوسف الديني
بقلم يوسف الديني

على عكس ما أرادته الدولة المنظمة «قطر» والاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، الذي طالب بشكل غير مسبوق بوقف التدخلات السياسية في كرة القدم؛ إلا أن المناخ السائد سمم أجواء كأس العالم التي تقام لأول مرة في بلد شرق أوسطي عربي مسلم، حتى لعبت الصدف دوراً في ذلك بوضع إيران، وهي في أشد حالاتها تأزماً، في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإنجلترا.
الآيديولوجيا لا تخطئها العين، حيث الحملة الشرسة ضد المونديال التي وإن اتخذت طابعاً حقوقياً في جزئها الأقل فهي في الخطاب العريض الدعائي والتحريضي والمفتعل تعيد إنتاج هيمنة ثقافة الاستيقاظ Woke Culture التي تعتبر «ديانة اليسار الجديد وخطاب أدلجة ملف الأقليات» وبشكل لا نظير له من الإصرار على عدم احترام الفروقات الهويّاتية والثقافية إلى إقحام العلامات والرموز الخاصة بالمثلية والإصرار على مسألة الكحول، الذي أفرد أيضاً خطاباً مضاداً أعاد طرح مأزق «الإسلاموية» بدلاً عن الإصرار على قيم الإسلام المتعالية على هذه الصراعات المسيسة.
الأهم اليوم ونحن نتأمل حدث كأس العالم وهو ملء السمع والبصر قبل أن ينحسر تأثيره بانتهاء البطولة، هو التأكيد على مسلمات ونتائج في مقدمتها نموذج الدولة العاقلة الذي قدمته المملكة العربية السعودية على مستوى الدعم وتشريف الافتتاح بحضور ولي العهد، ثم تأكيده ذلك الحضور بتحويل المساندة إلى توجيه للمؤسسات والهيئات ذات العلاقة بضرورة العمل على إنجاح البطولة، قبل أن يتحول إلى مبادرة لاستضافة البطولة في 2030، وليس من نافل القول أن يحظى الحضور السعودي كجماهير ومتطوعين وإعلاميين بالتقدير الكبير الذي شكل تلك الروح المجسدة للجسد الخليجي الواحد، بعيداً عن أي خلافات في وجهات النظر وهو ما استدعى الكثير من التعليقات على السوشيال ميديا ضرورة إعادة التقييم الحقيقي للخطاب القميء، الذي عرفناه من قبل في استهداف المملكة وبشكل أكثر شراسة وكانت الوحدة المجتمعية والشخصية السعودية والهوية المتجذرة مع التطلع للمستقبل، والإصرار على القيم الإنسانية المشتركة وفصلها عن الآيديولوجيات التي تستغلها أكبر عوامل تجاوز الأزمات.
بدلاً من قيام النظام الإيراني بالعمل على جذب السياح، وتعزيز الاقتصاد، وحشد الإيرانيين حول الراية، قد تتحول بطولة كأس العالم لكرة القدم هذا العام إلى انتصار باهظ الثمن للنظام، بالنظر إلى وضعه السياسي السيئ في البلاد.
في المقابل، تأتي هذه النسخة من كأس العالم ونظام طهران، أبعد ما يكون عن الحدث في انفصال كبير بين الأزمات الداخلية المتعاظمة، وصعود الاحتجاجات وتطلعات الشعب الإيراني المهووس بكرة القدم، فنظام الملالي يعيش أزمة أكبر من استغلال كأس العالم رغم أنه كان يعد لها العدة من قبل وتحديداً في المشروع الذي طرحه نائب رئيس الجمهورية الإسلامية محمد مخبر، وتضمن سبعين مبادرة خلال كأس العالم، وكان منها استضافة مشجعين في الجزر الإيرانية، وبسبب صلف النظام ومشروعه التقويضي تجاه المنطقة بقيت الغرف الفندقية المعدة لاستقبال جماهير المونديال وقوامها 20 ألفاً فارغة، والأكثر فداحة هو عدم قدرة النظام على التحشيد واستغلال الحدث في إعادة إنتاج شرعيته في الشارع الإيراني، لا سيما مع الملاحقات والتهديدات التي تطال اللاعبين المؤيدين للاحتجاجات، ومنهم كريمي الذي حوكم غيابياً بالعمل ضد الأمن القومي، وهو ما يرشح عدم استغلال البطولة والمواجهات مع دول غربية للقيام بذلك التحشيد مجدداً، كما حدث في نهاية التسعينات حين فازت إيران على فرنسا في كأس العالم، وعلق حينها المرشد الأعلى بأن الأمة فازت على المتغطرسين وشياطين الأرض!
الدعم العربي والعالمي باستثناء بعض الأصوات الغربية النشاز، التي تصر على تذكية خطاب القيم المؤدلج والمتحيز، وأنموذج الدولة العاقلة الذي قدمته السعودية بثقلها ورهانها على المستقبل وتجربتها العميقة، في تخطي الأزمات من شأنه أن يجعل القادة اليوم في دول المنطقة أن يفكروا طويلاً في التحديات القادمة، خصوصاً هذا الانفصال بين خطاب الاستراتيجية الذي يقتضي بالضرورة احترام السيادة والشرعية، وبين خطاب الآيديولوجيا الذي يكتسح الإعلام الموجه المدفوع بالرغبة في الإثارة، والذي تحولت فيه أي مادة عن دول المنطقة، ولو غير سياسية، ولو تعارضت مع شعارات حرية الأفراد الذي يكفلها القانون، إلى مادة محببة للمنصات الإعلامية.
عشنا في السعودية أوار هذه الحملات منذ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، واكتسب المجتمع بفضل اللحمة مع القيادة السياسية مناعة ضد التشويه والاستهداف لم تزده موجاتها إلا ثباتاً للداخل، وانكشافاً لمؤامرات الخارج وعلى كل المستويات، باتت مناعة السعوديين ضد المحتوى التضليلي والاستهداف اليوم مثالاً يحتذى، لا سيما مع التصريحات العاقلة والمسؤولة من القيادة السياسية الواعية والمسؤولين في تصريحاتهم التي لا تكترث بالرد قدر أنها تعمق مفهوم الدولة العاقلة.
السيادة والشرعية، ونموذج الدولة العاقلة في الأزمات والملفات الخارجية هو ما تحتاجه دول المنطقة اليوم، وعليها أن تتعامل مع الأزمات والمنعطفات الخطرة في تاريخ أمنها وسيادتها بمنطق العقلانية وتقديم مفهوم «فضيلة الاستقرار» عبر الاستثمار في المواطن، والتمحور حول مصالحه وأولوياته أولاً وآخراً وأبداً.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كأس العالم الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة كأس العالم الآيديولوجيا ونموذج الدولة العاقلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab