الأحصنة الخاسرة مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية

الأحصنة الخاسرة: مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية

الأحصنة الخاسرة: مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية

 العرب اليوم -

الأحصنة الخاسرة مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية

بقلم - يوسف الديني

تتوالى الخسائر الفادحة لأحصنة مشروع إردوغان للهيمنة التي تعكس مخيلة جيوسياسية لا تنتمي للواقع المعاصر؛ لكنها وبشكل أكثر حدّية لا تنتمي إلى اللحظة الراهنة، ونحن نرى كيف هرعت الولايات المتحدة إلى عقد اتفاق مع طالبان استكمالاً لمشروع الانسحاب الكبير من مناطق التوتر بعد سنوات من اللاجدوى.

28 فبراير (شباط) شكّل لحظة فاصلة وكابوساً لمخيّلة إردوغان في استثماره في الحالة السورية وبشكل فجّ يلامس الرعونة؛ مقتل ما يقرب من 40 من قواته في هجوم عنيف قبل فترة وجيزة مع فشل دبلوماسي وتفاوضي لا يقل عن الكارثة العسكرية بعد التصعيد مع دمشق وتوترات مع بوتين غير مسبوقة. كتيبة المشاة التركيّة (450 جندياً) التي حاول من خلالها إردوغان التباهي بالإيغال في الأراضي السورية في حزمة من الأدوات المعبّرة عن تلك المخيّلة للهيمنة، ومنها تهديد قارة أوروبا بالمهاجرين ومحاولة الضغط بكفّ يد المقاتلين الأجانب... كل تلك التحرّكات لم تجدِ نفعاً، قُصفت الكتيبة بغارة جوية جنوب إدلب، العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في أسوأ أحوالها خصوصاً بعد الضغوطات بإطلاق سجين سياسي سرّب أنصار إردوغان أنه بادر إلى فعل ذلك دون إلماحة إلى السياق حول ضغوطات المنظمات الحقوقية الأوروبية والاتحاد باتخاذ إجراءات صارمة لنظام إردوغان الذي يقذف انضمام تركيا نحو أقاصي المجهول.

قصة تبرئة الناشط في العمل الخيري عثمان كافالا لم تكن إرادة ذاتية أو محاولة لتحسين سلوك القبضة الأمنية في الداخل التركي، بل للهروب من صداع المناشدات التي أطلقتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومما يؤكد ذلك التحرّك المضاد في الداخل التركي حيث شرع مجلس القضاة والمدعين، الذي يشرف على القضاء وأداء القضاة والمدعين العامين الأتراك في تحقيق ضد جميع القضاة الذين برأوا كافالا، مما يفتح نوافذ الشك حول محاولات إعلام إردوغان في الداخل والخارج في تجميل صورته الحقوقية.
والحال أن التوازنات العسكرية في الحالة السورية أكثر تعقيداً من شعارات الهيمنة وتصريحات البطولة وإن جمّلتها أذرعة مشروعه الإعلامية ومنها قناة «الجزيرة» المرتبكة في ضبط إيقاع خطابها إزاء تلك المخيّلة وتصرفّاتها وسلوكها النشاز. القصف كان رسالة قوية من بوتين عبر مقاتلتين وطائرتين استهدفتا حلفاء إردوغان «الجيش السوري الحر» ثم استهدفتا الكتيبة التركية عقب ذلك في رسالة مفادها أن لحظة وشيكة ربما أدّت إلى تصادم قرون اللاعبين بشكل مباشر وليس من خلال من يمثلونهم، ورغم نفي روسيا الذي جاء بلغة تحمل الكثير من الدلالات «بذلنا قصارى جهدنا للسماح بإجلاء القوات»، لكنها قالت: «لا ينبغي أن يكون هناك جنود أتراك في المنطقة التي تعتبر منطقة لمكافحة الإرهاب»!
الردّ الروسي العنيف والتصريحات الملطفة التي ربما تلتها مفاوضات لم تكن إلا محاولة لإعادة تحجيم تلك المخيلة الإردوغانية بطريقة ربما فتحت عليه نيران الداخل من المنتقدين أكثر من صيحات التحذير من الخارج بضرورة إعادة النظر في سلوكه على الأقل إن لم يكن مشروعه الذي ربما عجّل بخسارة كل خيوله التي سمنها منذ صعود حزب العدالة والتنمية الذي يعيش أسوأ فتراته.

لم يكتفِ الروس بإدارة ما بعد الهجوم بشكل دبلوماسي يمزج بين التحذير والنكير، بل رفضوا طلب تركيا بإعادة فتح المجال الجوي لنقل المصابين، وهو ما يعني أن صراع التدخل يؤذن في حال تعنت إردوغان إلى حرب مواجهة محتملة، وإن كان ذلك بعيداً وفقاً لمناخ عالم اليوم في تجنب أي نوع من مثل هذا التصعيد.

ربما لا تنهي تركيا مدفوعة بمخيّلة ومشروع إردوغان إلى الانسحاب من سوريا بشكل مباشر لكنها حتماً ستنتقل ولو على مستوى الواقع وليس الشعارات إلى مرحلة التفاوضات والمساومات وتقديم العديد من التنازلات والتخلّي الذي له سوابق عن حلفائه على الأرض أو الانتقال إلى ورقة النزوح الجمعي المحتمل في حال تحوّلت المعادلة العسكرية في إدلب، وقد يحاول إردوغان العودة إلى حضن الولايات المتحدة، وهو خيار لا يقل صعوبة لأنه يستلزم أيضاً عودة مشروعة إلى بيت الطاعة لا يمكن أن تستجيب لها المخيّلة المهووسة بالهيمنة.

التداعيات على مغامرات إردوغان ونهمه نحو لعب أدوار سيادية باتت بالوناً مملوءاً بالإخفاق؛ بالون إدلب انفجر قبل أيام وقد نشهد بالونات أخرى، وهو في القراءة السياسية سيزيد من عزلة تركيا التي تكبر بوتيرة متسارعة تتجاوز حتى قدراته على تحويل مآزقه وترحيلها باتجاه الخارج، وسياسته الخارجية باتت محل انتقاد للولايات المتحدة كما روسيا والاتحاد الأوروبي وشطر كبير من العالم العربي. بقاء حلف الأزمات من ملالي طهران أو قطر أو حتى الدول التي تحاول الاستفادة من سلوك تركيا المتهور كأذربيجان أو بعض الدول المترنحة في تقييم موقفها من ذلك السلوك وفقاً لموقفها الآيديولوجي وميولها للإسلام السياسي لا تكفي لردم الهوة أو تجسيرها، لأنها باختصار لا تحظى بأسهم مرتفعة في سوق التوازنات السياسية والاستراتيجية.

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 06:15 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 06:04 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

GMT 06:00 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

انتخابات الجزائر.. تبون في عالم خاص به!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحصنة الخاسرة مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية الأحصنة الخاسرة مخيّلة إردوغان للهيمنة الجيوسياسية



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:37 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي
 العرب اليوم - إطلالات مختلفة تناسب قصيرات القامة من وحي منى زكي

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الضوء في الليل يزيد فرص الإصابة بالسكري

GMT 19:13 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

ريال مدريد يستغل قضايا مانشستر سيتي لخطف رودري

GMT 09:57 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

ماليزيا تسجل أول إصابة بجدري القرود خلال عام 2024

GMT 16:57 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وفاة المخرج إيمان الصيرفي عن عمر ناهز 71 عاما

GMT 06:44 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

"رحلة 404" لـ منى زكي يمثّل مصر في الأوسكار

GMT 05:26 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

أنباء عن هجمات سيبرانية على مواقع إسرائيلية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab