استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب

استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب؟

استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب؟

 العرب اليوم -

استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب

بقلم:يوسف الديني

الأفكار لا تموت... والظواهري كان مجرد تمثُّل لفكرة وُلدت لأسباب ما زالت باقية وربما تعززت اليوم بعد الانسحاب الكبير في أفغانستان وتحول هذا البلد المعجون بالآيديولوجيات المتطرفة إلى ساحة اقتتال داخلي بين تنظيم «القاعدة» الذي تأسس هناك وبين «داعش» التي اختارته كملاذ أخير بعد انكساراتها في مناطق التوتر بالعراق والشام لأسباب أيضاً أبعد من الجغرافيا أو التاريخ أو حتى طالبان المتصلة برمزية الخطاب المحرض على العنف أو الجهادوية الآيديولوجية المرتبطة بنهايات الزمان والرايات السود التي تظهر من خراسان.

هذه الرمزية والنمطية تشبه كثيراً الرمزية التي تحاول أن تسعى لها الولايات المتحدة في الاستهداف لرموز التنظيمات المتطرفة وطريقة الاستهداف والإعلان والتوقيت فيما يشبه لقطات هوليوودية من أفلام مرتبطة بالمواسم وهو هنا «موسم الانتخابات» الذي يتطلب حدثاً تضحوياً يُشعر الناخبين الأميركيين بأنهم أكثر أماناً بغض النظر عن أي شيء آخر.
المشهد المسرحي لمقتل زعماء التنظيمات الإرهابية من بن لادن مع أوباما والبغدادي مع ترمب والظواهري قبل أيام مع بايدن ربما كان الأقل من حيث الأداء والتأثير رغم التقدير الكبير والمسؤول من قيادات العالم وفي مقدمتهم السعودية التي أعلنت عن ترحيبها بالبيان مع شيء إضافي في غاية الأهمية وهو التسبيب القانوني والتذكير بأن الأزمة تتطلب تعاوناً عالمياً، ووصفت الظواهري بأنه «من قيادات الإرهاب التي تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة في الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وعدد من دول العالم الأخرى قتل إثرها الآلاف من الأبرياء من مختلف الجنسيات والأديان بمن فيهم مواطنون سعوديون»، لكنها أكدت، وهذا هو المهم، «أهمية تعزيز التعاون وتضافر الجهود الدولية لمحاربة آفة الإرهاب واجتثاثها، مهيبة بجميع الدول التعاون في هذا الإطار لحماية الأبرياء من التنظيمات الإرهابية»، وهنا لُب القصيد أن معضلة الإرهاب هي قضية عالمية لا يمكن اختزالها في شخص، وهو ما رجعت إلى توضيحه وبيان عدد من مراكز الأبحاث وخزانات التفكير المهتمة برصد وتحليل وقراءة المسألة الإرهابية، ومنهم الباحث المميز هارون زيلين الباحث في «ريتشارد بورو» ومؤسسة «المنصة التحليلية» المهمة jihadology.net والذي أكد رمزية الحدث وأن التنظيم يعيش حقبة جديدة من الانفصال عن القيادات، بل وحتى هناك تشكيك كبير حول ثقته بقياداته العليا، لا سيما مع افتقاد الكاريزما من جهة، وأيضاً اختصاص الظواهري بالأجندة الدولية أو فروع «القاعدة» الأكثر حضوراً، ومنها فرع الصومال مع «الشباب» ومالي مع «نصرة الإسلام» ومع حصة كبيرة من الفشل في سوريا التي خرجت منها «القاعدة»، خصوصاً مع هيمنة «داعش» في تلك الحقبة، وقلق كبير من التأثير على وضعية طالبان وهو ما حدا بكثير من الباحثين عن طرح فرضية انتقال «قيادة (القاعدة) الجديدة» إلى أفريقيا، وخصوصاً القرن الأفريقي وهو ما سيشكل تحدياً كبيراً جداً على المنطقة خصوصاً في الخليج مع التداخل الجغرافي مع اليمن وارتباك حالة الاستقرار في القرن الأفريقي مع سهولة الاستقطاب والتجنيد ووجود قاعدة صلبة من الاستثمارات القاعدية هناك.
الإعلان من بايدن عن مقتل الظواهري بهذه الطريقة والتوقيت والجدل الذي ولد بعدها حول مسؤولية طالبان عن إيوائه من دون الحديث عن أفغانستان ومستقبل تحولها في ظل ضغط «داعش» على طالبان واستهدافها للأبرياء من الأفغان وارتباك حالة النخبة السياسية حول اتفاقية الدوحة يطرح عدداً لا ينتهي من التساؤلات لكن الأهم هو سؤال الأسئلة: هذا التخلي عن أخذ مسألة أفغانستان بجدية وتبعات الانسحاب الكبير، ولا يقل عنه سؤال: ماذا ما بعد «الرمزية» في تناول ملف الإرهاب والتركيز على الرموز والقادة ونجوم الشباك وإهمال حالة الخطاب والمجموعات المتنقلة والثقافة السائدة التي لا يزال حضورها قوياً في شبكات التواصل، خصوصاً في المحتوى والنسخة الغربية (اللغات الأجنبية)؟ وهي مفارقة بحاجة إلى مقال آخر.
السؤال الحقيقي اليوم هو عن مستقبل التطرف والإرهاب في المنطقة في ظل بقاء الأزمات السياسية والانسحاب من المسؤولية العسكرية والقانونية، وترك مناطق التوتر وملفات تضخم الإرهاب عالقة، خصوصاً مع صعود الصراع بين قوى دولية تسعى إلى الهيمنة بحجة مكافحة الإرهاب أو دعم الإرهاب لتشتيت الانتباه عن الإرهاب الذي ترعاه دول بعينها في المنطقة كما فعلت إيران في تبنيها لـ«القاعدة» وتحويلها إلى رأس مال سياسي.
التطرف أزمة عالمية كبرى، الإرهاب والعمليات المسلحة والانتحارية أو الاغتيالات فرع عنه، وهو (التطرف) يقتضي البحث عن جذوره وأسبابه والحلول التي يجب أن تكون مبنية على تضافر المؤسسات الدولية وبرامج إعادة البناء والتأهيل وحرب الأفكار، وليس مجرد تتبع لقادة الإرهاب ورموزه وتضخيمهم باعتبارهم المعضلة الأولى والأخيرة.
بقاء الأفكار المتطرفة بالضرورة ينتج شخصيات متطرفة يمكن أن تأخذ طريقها إلى القيادة والنجومية بسهولة... مع توافر الإمكانات والظروف لا يمكن علاج النتيجة مع بقاء السبب!

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب استهداف الرموز ومعضلة الإرهاب



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab