القارة السمراء انبعاث التنظيمات والميليشيات

القارة السمراء: انبعاث التنظيمات والميليشيات!

القارة السمراء: انبعاث التنظيمات والميليشيات!

 العرب اليوم -

القارة السمراء انبعاث التنظيمات والميليشيات

بقلم - يوسف الديني

القارة السمراء منجم الفرص والموارد والتحديات، مرشحة اليوم بشكل عام إلى أن تكون أكثر مناطق العالم توتراً بأزمات ربما يطول مداها. ورغم ضخامة حجمها وغناها -حيث يوازي اتساعها ما يزيد على 10 أضعاف الهند وثلاثة أضعاف الصين- بمنسوب بشري هائل يقارب 19 في المائة من سكان الأرض، وبموارد تفوق 35 في المائة من المعادن، فالمفارقة أن نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي متدنٍّ جداً، صنَّفها من أقل الدول نمواً وأكثرها فقراً وتراجعاً على مستويات التعليم والصحة.

     

 

             

 

هذا التحدي تضاف إليه اليوم مخاوف ومخاطر أمنية ما زالت آثارها لم تبدأ، مع توتر كبير وحالة انسداد سياسي في السودان، وتفاقم الأوضاع في غربها من النيجر إلى الصحراء ومالي ونيجيريا، وانتشار أكثر من عشرات التنظيمات المسلحة بحضور طاغٍ وصراع لاختطاف المشهد بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش» عدا التنظيمات العشائرية والقبائلية المسلحة. على سبيل المثال هناك أكثر من 20 جماعة ميليشياوية في السودان، ما بين عرقية وعشائرية وإثنية مرشحة للدخول في حرب أهلية، بعد فشل المؤسسات العسكرية الرسمية «الوطنية» في الوصول إلى حل، وقبولها -وهذا الأخطر- برهانات ومحاصصة مع الميليشيات بهدف تغيير وترجيح كفة التوازنات على الأرض.

الميليشيات في قارة أفريقيا هي الأكثر تعقيداً، فهي ليست قائمة على هويات آيديولوجية أو عقائدية جذرية؛ بل غالبها ولد وتطور لأسباب اقتصادية واجتماعية متصلة بالتهميش وضعف مؤسسات الدولة وغيابها شبه الكامل في مناطق طرفية، وتعتمد على خطابات عشائرية عاطفية للتحشيد حول الصراع المسلح، واتخاذ مواقف حدية تجاهه، حسب قوة وكاريزما أمراء الحرب الجدد، وقدرتهم على التفاوض مع الفاعلين من الداخل والخارج على مبدأ «الغنيمة»، أو اقتطاع حصة من الكعكة.

على سبيل المثال، في الحالة السودانية الأكثر تماساً كتحديات مع منطقة الخليج، تفاعلاً من قبل مشروع دبلوماسية السلام الذي تقوده السعودية في أكثر من منطقة، نشأت ميليشيا الجنجويد استجابة من قبل نظام «الإخوان»/ البشير، للسيطرة على جماعات من قبائل الفور والزغاوة والمساليت في منقطة دارفور، بحجة حماية الثروات التي تحولت لاحقاً إلى اقتصاد موازٍ، قبل أن تصبح جزءاً فاعلاً وقوياً من النظام، ثم وُلدت فصائل أخرى من حالة دارفور نفسها، بعد الانشقاق من حركة «تحرير السودان»، و«العدل والمساواة»، وصولاً إلى حركات كثيرة مبنية على نزعة الانشقاق والبحث عن أمير حرب، يمكن أن يؤمِّن جزءاً من اقتصادات الحرب والتأثير في مجريات النزاع، ومن هنا البحث عن محاولة فهم الحالة في القارة الأفريقية بشكل عام، أو السودان بشكل خاص، من مدخل القبيلة باعتبارها تمثل كتلة مجتمعية في حيز جغرافي محدد قاصر؛ لأن التمثيل هو للحضور المسلح على الأرض خارج أقواس القبيلة في كثير من الأحايين؛ خصوصاً مع ولادة وانبعاث الهويات الإثنية.

هناك اليوم سوق سوداء ضخمة للعنف في القارة السمراء، مبنية على أمراء حرب بأقنعة سياسية وأجندات مشاريع تقويضية مفارقة لمفهوم الدولة والاستقرار، يقابلها ضعف وتهشم للمؤسسات، وخروج القوى المدنية من حيّز الفعل والتأثير، وارتحالها إلى خطابات الظل من «السوشيال ميديا» إلى المؤسسات الحقوقية؛ لكن الفعل على الأرض مرتبط بالقدرة على التمثيل في تلك السوق بأكبر قدر من عرض القوة يقابلها التمويل والتجنيد، ومن هنا يمكن فهم أيضاً إعادة تنظيمات كـ«القاعدة» و«داعش» للدخول لتلك السوق لكن بشعارات أكبر وبخبرة ميدانية وقدرة على التحشيد أكثر فعالية، وهنا مأزق المرحلة القادمة في ظل انقسام القوى الكبرى الغربية والولايات المتحدة، وضعف المؤسسات الدولية، وأبرزها الأمم المتحدة، في مقاربة شاملة.

اليوم هناك تحول كبير في جغرافية العنف والإرهاب والتنظيمات المسلحة في العالم؛ لكن مشروعها اليوم يتجه نحو استغلال الحالة المتردية في قارة أفريقيا؛ خصوصاً في غربها.

وحش الإرهاب لا يزال يطل برأسه، ولا يمكن فهم خطواته القادمة إلا بتحليل متخصص ودراسات جادة لفهم استراتيجياته وقدرته على التجدد المستمر، والإفلات من عقال التصنيف والتوصيف؛ إذ يعيش حالة مواراة من التحول والتفاعل مع مستجدات الحرب عليه، والتي تتسم بالبطء والتردد والارتباك، بينما يقابلها التنظيم بامتصاص الضربات والتفكير في تغيير معادلات الحرب، متى ما سنحت له الفرصة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القارة السمراء انبعاث التنظيمات والميليشيات القارة السمراء انبعاث التنظيمات والميليشيات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab