مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط

مصالح متقاطعة: ترمب والشرق الأوسط

مصالح متقاطعة: ترمب والشرق الأوسط

 العرب اليوم -

مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط

بقلم : يوسف الديني

هناك الكثير من اللغط والتكهنات حول مقاربات ترمب في نسخته الثانية كما توصف عادة، وهي نسخة تتسم بحالة اللايقين السياسي رغم ما تبدو عليه من نضج وثقة وربما الاندفاع، عطفاً على مكتسبات الداخل وتصريحات الأيام الأولى، والتي هي في العادة تهدف إلى طمأنة الناخبين والأنصار وتجديد الوعود السياسية، أكثر من كونها ملامح لرسم استراتيجية الأجندة الخارجية التي تحتاج إلى الوقت أولاً، ثم إعادة قراءة المشهد في منطقة الشرق الأوسط الذي يتسم بسيولة شديدة وتعقيدات إضافية لم تكن موجودة في النسخة الترمبية الأولى.

الأمر ليس بحاجة إلى تكهنات تجار الحقائب السياسية أو قنوات بيع «الدجل» السياسي والتنجيم بالمحتوى؛ لأنها في نهاية المطاف هي محاولات لتحليل سياسي رغبوي مبني على الأمنيات أكثر من كونها قراءة استشرافية.

تصريحات ترمب منذ فوزه ألحقها بعدد من الأوامر التنفيذية التي ركزت على وعوده الانتخابية للداخل حول ملفات الهجرة والتحولات المتصلة بما يُعرف بالهندسة الاجتماعية، إضافة إلى التغييرات الأساسية حول آليات عمل الحكومة الأميركية. وكانت الخطوة المثيرة للجدل عفوه الرئاسي عن عدد من المدانين من أنصاره ممن هاجموا الكونغرس (قرابة 1500)، والتي قرأها الداخل الأميركي كمؤشر أوليّ على الاتجاه الذي تسير نحوه السياسات الأميركية في ما يتصل بقضايا أساسية من عدم إنفاذ سلطات القانون وسيادته إلى الالتزام والنزاهة السياسية. وصحيح أنه من السابق التنبؤ بمسارات استراتيجية ترمب تجاه السياسة الخارجية بناء على الخطوات والخطابات الأولى ما بعد التنصيب، إلا أن المؤشر الأهم هو مسألة تسمية الشخصيات الأساسية في فريقه لمعالجة ملف الشرق الأوسط في وقت بدا مبكراً في الفترة الانتقالية بعد انتخابه، وعلى رأسهم مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والمرشح لمنصب السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، والمستشار الأول للشؤون العربية والشرق أوسطية مسعد بولس، وربما كان ويتكوف معروفاً من خلال عمله الدؤوب مع إدارة بايدن في الأيام الأخيرة حول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل؛ المهمة التي ستكون معقدة وصعبة على مستوى الحفاظ عليها، خصوصاً مع التشاؤم الذي أبداه الرئيس ترمب نفسه في إجاباته للصحافيين حين قال: «إنها ليست حربنا. إنها حربهم. أنا لست واثقاً»، وأردف ذلك بإلغاء عقوبات أميركية على جماعة استيطانية متهمة بالعنف تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، على الرغم من أن العقوبات كانت أشبه بالإجراءات الشكلية التي لم تساهم في تخفيف التصعيد المرشح للتنامي في الضفة، وستؤدي إلى تعقيد حالة الهشاشة في غزة، وهو ما يعني في المحصلة أن مشروع السلام الأوسع سيكون بعيد المنال، خصوصاً مع الإصرار العربي والعالمي الذي نجحت السعودية في خلقه وتكريسه والبناء عليه لـ«حل الدولتين» كخيار لا يمكن تجاوزه في مقاربة المسألة الفلسطينية - الإسرائيلية، والتي لا يمكن فصلها عن مسألة مشروع الاستقرار الأكبر في الشرق الأوسط الذي تسعى أيضاً الرياض إلى دعمه وتأسيسه عبر خفض التصعيد وأولوية التفاوض. وهنا يمكن قراءة هذه التكاملية في مقاربة الشرق الأوسط كملف شديد الاتصال بتخلي ترمب عن بريان هوك الذي شغل منصب مبعوث إيران في ولايته الأولى، واحتمالية أن يصبح ويتكوف المكلف بالعمل على الملف الإيراني، ويضاف إلى ذلك قراءة المواقف المتصلبة والتصريحات المتشددة من قبل كبار المسؤولين في الإدارة الجديدة تجاه إيران، ومنهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز، ووزير الخارجية ماركو روبيو، خصوصاً في ما يتصل بالبرنامج النووي، وتوج هذا التوجه بإعادة تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية.

وإذا كان ملف فلسطين وإسرائيل من جهة، وإيران والمشاريع التقويضية في المنطقة من جهة ثانية، هي التي يمكن أن تكون محط الاهتمام في قراءة تحركات ترمب الخارجية، فإن ملف السياسات الاقتصادية وملف الطاقة تحديداً سيكون واحداً من أكثر الملفات التي يتوقع الخبراء أن تكون موضع جدل واختلاف بين وجهات النظر؛ لأنها مبنية على مفهوم المصالح والشراكات؛ إذ إن هدف ترمب حول أجندة اقتصادية ذات نزعة قومية يتعارض مع الواقعية السياسية والبرغماتية والنضج الكبير الذي بلغته دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، خصوصاً على مستوى تنويع شراكاتها وخياراتها الاستراتيجية في الملف الاقتصادي، حيث تمتاز الرياض رغم العلاقات الصلبة والمتينة بالمؤسسات الأميركية عطفاً على التجذر التاريخي للعلاقة، بقدرتها على لعب أدوار إيجابية في ملفات المنطقة الشائكة؛ بسبب تطويرها نموذجاً فريداً للاستقرار، وأجندة الشراكات، والنهج الخاص المبني على دعم الاستقرار والتنمية والاستثمار في المواطنة، والذي تطور بشكل كبير من خلال الثقة التي تحظى بها السعودية في أي مقاربة سياسية خارجية.

ويمكن القول إن ثمة مناعة صلبة تكونت في التجربة السعودية تميزها اليوم مع الولاية الثانية لترمب، بُنيت على ما حققته من نجاح كبير في تخطّي تحديات شائكة وصعبة من إدارة أزمة هجمات بقيق، إلى التعامل مع ملف اليمن، وتجنب المواجهة وخفض التوترات مع إيران وتغليب الدبلوماسية.

بعيداً عن التكهنات، نجح المشروع السعودي في موضعة الرياض (Repositioning) كلاعب أساسي في الشرق الأوسط قادر على توسيع نطاق الشراكات الاقتصادية والتأثير على مستقبل المنطقة التي تحتاج إلى دبلوماسية الثقة لا الشعارات.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط مصالح متقاطعة ترمب والشرق الأوسط



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab