مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات

مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات

مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات

 العرب اليوم -

مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات

بقلم : يوسف الديني

مهمة صعبة وشاقة أمام السوريين اليوم لإعادة بناء دولتهم عقب سقوط نظام الأسد الذي أعاد حالة البلاد إلى قرون مضت تقترب من حالة اللادولة بما تعنيه الكلمة، لكن هذه صفحة من الماضي، الآن يجب أن يضعها السوريون أمام عدالة انتقالية لا انتقامية ويمضون في بناء مستقبلهم وفق ثلاثة محددات: السيادة، المواطنة، بناء المؤسسات بشكل عادل يضمن مشاركة جميع المكونات.

هذه المهمة اليوم لا يمكن أن تكون رهينة التطمينات التي تقتصر حتى الآن على الولايات المتحدة وإسرائيل والغرب، وبدرجة ثانية دول الإقليم على طريقة دبلوماسية الأمر الواقع، وليس المراجعات والإجابة عن الأسئلة الأساسية والتفاصيل في خضم فوضى من الإشارات وفلتات التصريحات التي ربما وإن كانت لا تعني كثيراً الدول المنخرطة في سوريا، لكنها حتماً تهم السوريين أكثر من غيرهم.

المراجعات اليوم لمسيرة الثورة السورية ومكوناتها بعيدة عما حدث في إسقاط النظام من قِبل تحالف فصائل تقوده «هيئة تحرير الشام» ضمن «ردع العدوان» في مدة قياسية وغامضة لم تتكشف خيوطها بعد، لكنها مفرحة للسوريين وللعالم بسبب تجنبها للدماء، حيث كل ضحايا إسقاط النظام لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة جداً إذا ما قورنوا بواحدة من المعارك الدموية بين التنظيمات والفصائل المسلحة وحتى معارك التصحيح داخل التنظيم الواحد وفقاً للأرقام التي يجب أن تحضر في مقاربة ما حدث.

تتضخم التحديات في بلد منقسم حتى قبل سقوط النظام ويشهد منافسة شرسة بين جهات فاعلة محلية ودولية لمحاولة دفع سلطات الأمر الواقع لرسم ملامح واقع جديد في ظل فراغ للسلطة وتجنب انتهاكات حقوق المكونات «الأقليات» السورية، والسيطرة على الكتلة الصلبة للتنظيمات والمجموعات التي ما زالت مصنَّفة على قوائم الإرهاب، فضلاً عن التحديات الأمنية الوطنية حتى قبل أي حديث عن انتقال سياسي، وعلى رأس تلك التحديات «المقاتلون الأجانب»، الملف الذي سيكون مؤرقاً للسوريين قبل غيرهم في ظل ارتباك في معالجة هذا الملف ومؤشرات غير إيجابية مهما كانت التطمينات في التصريحات الإعلامية التي ستظل محل مراقبة المجتمع الدولي باعتبارها تعكس تحولات حقيقية لتيار «الجهادية» السورية المحلية، وهو توصيف لما آل إليه التغيير الاستراتيجي في أطروحات التنظيمات المسلحة أو مجرد خطاب مهادن ومرحلي لضمان السيطرة على الأوضاع الداخلية في ظل توافقية دولية وهيمنة تركية، وارتباك كبير لاحظناه في مواقف الدول وحتى تيارات الإسلام السياسي التي بعد أن انفضت الاحتفالات بسقوط نظام الأسد وخروج المشروع الإيراني من المشهد، يبحثون عن موطئ قدم لابتلاع «ربيع التنظيمات» باعتباره امتداداً نوستالجياً لـ«الربيع العربي» الذي للأسف كانت آلت نتائجه المشابهة للحالة السورية في ليبيا واليمن والسودان إلى واقع مفزع.

هناك فرصة ذهبية من الارتياح العام في التخلص من إرث وحشي ثقيل ورغبة في فترة من السلام والبناء للقادم من الأيام، لكن استحقاقات ذلك تعني حوكمة رشيدة وضماناً للاستقرار واستمرار الخدمات الحكومية والاستفادة من خبرات المعارضة المنشقة على النظام في كل القطاعات، حتى وإن لم تتفق مع آيديولوجيا سلطة الأمر الواقع، لا سيما في الوظائف المتصلة بتسيير الأعمال اليومية والإدارات غير الحساسة مع ضرورة تمكين المجتمع المدني من المشاركة، والأهم هيئة مستقلة للعدالة فيما يتصل بجرائم العهد السابق.

هناك تحسس واضح حول دور المؤسسات والمنظمات الدولية من قِبل الإشارات الغامضة والإجابات الدبلوماسية من قِبل سلطة الأمر الواقع، ويمكن وصفها بأنها مرحلة «بين السطور» رغم كل التلقي الإيجابي الدولي والعربي بسبب نشوة التخلص من وحشية النظام السائد، وتذكر معاناة السوريين التي عاشها الكثير من المجتمعات العربية مهم يوماً بيوم، لكن تشجيع الشرعية الدولية للحكومة المركزية والوساطة وضبط إيقاع العلاقة بين تركيا من جهة والمكون الكردي ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، ستكون ضمانة مهمة لعدم الانزلاق في أتون الفوضى، إضافة إلى ضرورة عدم التحسس من المجتمع السوري المدني الذي أبدى نضجاً كبيراً في كل ما كتبه منذ سقوط الأسد إلى الآن، فهم مستعدون لبناء وطنهم كما أن كثيراً من المكونات السياسية في المنفى قادرة على لعب أدوار إيجابية متى ما منحت الثقة والضمانات الكافية.

الاستثمار في الحديث السوري اليوم على أشده من قِبل كل أصحاب المشاريع الانتفاعية والبراغماتية وأهل الشعارات الذين يحاولون التحشيد ضد استقرار دول المنطقة عبر قراءة رغبوية لما حدث، ومحاولة صناعة أيقونات شمولية وحتى إطلاق عبارات خطرة لا تعكس ما حدث من قبيل «من يحرر يقرر»، وغيرها من محاولة الوصاية على منجز دفع فيه السوريون أثماناً باهظة على مدى عقد ونصف العقد قبل الانهيار الدرامي الذي يشبه النهايات السعيدة لمسلسل وحشي لا يجب أن يتكرر.

 

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات مستقبل سوريا بين التطمينات والتحديات



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab