ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية؟

 العرب اليوم -

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية

بقلم : يوسف الديني

خلال أقل من سنتين ومنذ «طوفان» السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وما تلاه وصولاً إلى لحظة سقوط نظام الأسد غير المأسوف عليه، والمنطقة تعيش ما هو أكثر أهمية من السياسة التي تحكمها ديناميكيات جيوسياسية ومشاريع دول تتقاطع مع أجندات دولية تجمعها المصالح في المنطقة وأولويات لا يمكن التنازل عنها، منها سيادة ووحدة الدول والمشاريع التقويضية العابرة للحدود بغض النظر عن خلفياتها الشيعية والسنية، إضافة إلى ملف الإرهاب والتطرف تنظيراً وتمويلاً واستقطاباً.

الملف الأخير هو الأهم لأنه غير مرتبط برهانات السياسة وتحولاتها الظرفية، بل هو تحدٍّ كان بالأمس وسيظل معنا لعقود، وللأسف لست متفائلاً بحكم التخصص والمتابعة اليومية الدقيقة للمعطيات اليومية والنقاشات داخل البيت «المتطرف» الذي يشهد هذه الأيام سيولة شديدة على مستوى الانشقاقات والولاءات والمواقف من دون مراجعات حقيقية أو قطيعة مع الأفكار المؤسسة.

صحيح أن ما يظهر على السطح اليوم تحولات داخل بعض الفصائل والتنظيمات الإرهابية بسبب الواقع الجديد الذي يعكس صعود الجانب السياسي على الفكري أو خطاب المصلحة والتمكين على الثوابت والأسس بحسب التعبيرات الحركية، لكنه تحول في استراتيجيات العمل بهدف الوصول إلى تحقيق أهداف محلية ودولية أكثر تعقيداً، إضافة إلى كونه جزءاً من الاستثمار في ملء الفراغ بعد الانكسارات التي واجهها المحور الإيراني وذراعه الكبرى «حزب الله» والميليشيات الشيعية في العراق مع خصوصية وتعقيد تخص ميليشيا الحوثي وتلك قصة أخرى.

القصة باختصار أن التنظيمات «الجهادية» تعتمد بشكل أساسي على خطاب يركز على مفهوم «الجهاد العالمي» ومقاومة القوى الغربية. ومع ذلك، أدى تطور الأحداث في سوريا على مدى عشر سنوات بدأت من 2014 وتسنم زمام المبادرة والتأثير على الأرض من الثورة السلمية بعد توحش النظام وبدعم من دول خارجية، لكنه تطور بشكل متدرج وفقاً لسياق التطورات على الأرض بسبب «النزاع على الشرعية» مع تنظيمات ذات طابع معولم كـ«القاعدة» أو ذات سلوك عدمي كتنظيم «داعش».

النزاع على الشرعية وتضخم العامل السياسي حوّلا عدداً من هذه التنظيمات من فصائل مسلحة إلى كيانات دون الدولة تتلبس منطقها وطريقتها في العمل بهدف بناء مجتمعات موالية لها من دون الضغط عليها أو تنفيرها والاكتفاء باستمالتها فكرياً والتركيز على ملف الحياة اليومية والتعليم والتجنيد واستغلال وحشية النظام وإهماله للمناطق التي لا تقع تحت سلطته، وهو ما يعني دويلات داخل دولة، وهذا غير الذي عرفناه في تاريخ الحركات المسلحة من الكر والفر والعمليات التكتيكية، ومن دون أيضاً الاستعجال بإعلان دولة متخيلة ووصفها بالخلافة.

هذه التحولات استفادت كثيراً من الإعلام، خصوصاً منصات التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة، لا سيما غير المرصودة والمتابعة مثل «تلغرام»، فأنشأت خطابات جديدة لتبرير تحركاتها وانشقاقاتها واقتتالها الداخلي لإقناع الكتل الصلبة المؤثرة وأغلبيتها مقاتلون أجانب أو محليون بخبرات عسكرية يحتكمون لرموز فكرية وشرعية ساهمت في هذا التحول باتجاه «فقه الثغور التمكيني» أو السياسة المتدرجة البراغماتية.

المسكوت عنه اليوم بعيداً عن أتون المواقف السياسية وما يفرضه الواقع هو حقيقة تاريخية تقتضي يقظة ووعياً مستداماً لما تطرحه من تحديات أمنية وفكرية على استقرار المنطقة، وهي أن التحولات السياسية في التنظيمات المسلحة من دون مراجعات حقيقية تفرز ارتباكاً كبيراً على مستوى المتلقين من جيل الشباب في مفاهيم الهوية والانتماء، ويمكن أن يتحول إلى بيئة خصبة للاستقطاب. ويكفي أن نقرأ هذا الجدل الذي لا يتوقف والتراشق العابر للقارات بين الكيانات الإرهابية من «داعش خراسان» إلى ما يسمى ولايات غرب أفريقيا إلى تحفظات «طالبان» ثم بيانات رموز «القاعدة» الفكرية إلى الانشقاقات والاعتراضات الصامتة في صفوف الرافضين لتسييس «الحالة الجهادوية» في سوريا لنتأكد من أننا إزاء مرحلة تشكلات غير مسبوقة.

المواجهة الكبرى في المنطقة هي اليوم مواجهة فكرية لاستعادة مفهوم المواطنة والاستقرار والتعايش، بعيداً عن الاكتفاء بالحلول الأمنية خصوصاً مع حالة السيولة في الأفكار والمرجعيات والرموز، ولا يمكن هزيمة الفكرة المتطرفة المسيطرة إلا عبر تعزيز برامج الوعي الفكري والنقد والتشجيع على المراجعة والنقاش في الهواء الطلق.

تحولات خطاب العسكرة المتطرف على اختلاف مرجعياته وأهدافه وتنظيماته وفصائله تعكس ديناميكيات معقدة تختلط فيها العوامل المحلية والدولية. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يكمن في الأبعاد الفكرية لهذه التحولات، وتأثيرها على الأجيال الجديدة... الاستثمار الحقيقي اليوم هو في خطاب الاعتدال واستدامته والباقي تفاصيل!

 

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية ماذا عن التشكّلات الفكرية للتحولات السياسية



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab