عقيدة ترمب من التجريب إلى اللامتوقع

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

 العرب اليوم -

عقيدة ترمب من التجريب إلى اللامتوقع

بقلم : يوسف الديني

«مرحباً بكم في عالم ترمب» كان العنوان الذي تصدر التغطية الأكثر عمقاً في «الفايننشال تايمز»، بينما حاولت منصات أخرى البحث عن تقليد شائع في تأطير الرؤساء الأميركيين ضمن مفهوم «العقيدة - doctrine»، وبين عقيدة دونالد ترمب الرئيس الأميركي المنتخب وعالمه كُتبت حتى الآن مئات الصفحات، لكنها تقول كل شيء، ولا تكاد تؤطرها ضمن السياقات السابقة إلا في حدود التقريب، وفي معظمها تشير إلى «التجريب، واللامتوقع» خصوصاً التي تتجاوز التحليلات الصحافية العابرة إلى الأوراق البحثية الأكثر تماسكاً بخلاف التعليقات الصحافية ومقالات الرأي التي بدت في بداية تولي ترمب تحت وقع الصدمة وكتابة سرديات جنائزية على الديمقراطية المغدورة.

اللامتوقع والتجريب المبني على مصلحة الولايات المتحدة الأميركية عقيدة ترمب التي حاول الخبراء استخلاصها أولاً من القياس على أدائه في الفترة الأولى رغم التأكيد على أنه الآن ربما كان أكثر نضجاً كما أن العالم تغير كثيراً بعده، ومن اللقاء الشهير الذي أجراه مع «وول ستريت جورنال» ووصفه نفسه بأنه سيروض المنافسين للولايات المتحدة وعلى رأسهم الصين لأن رئيسها «يحترمني ويدرك أنني مجنون»، وهذا الوصف تكرر على لسانه كثيراً وترجمته سياسياً خارج الوصف الذي له سياقات كثيرة في التداول المفاهيمي «اللامتوقع»، والذي لا ينطلق من مرتكزات قيمية أو آيديولوجية مسبقة، وهناك الكثيرون يعتبرونه أقرب إلى شخصية أندرو جاكسون الذي تتصدر صورته فئة الـ20 دولاراً والذي قاد أميركا في ظروف صعبة ومعقدة، وعلى الرغم من أنه ديمقراطي، فإن تمركزه كان حول مصلحة أميركا والطبقات العاملة والمتوسطة ومشروع إزاحة السكان الأصليين «الهنود الحمر» من أراضيهم.

ترمب بدا استعادياً يبحث عن مرجعية في التاريخ، فاختار في رمزية ذكية وغير متوقعة أن يعلق صورة جاكسون في المكتب البيضاوي ووصفه بأنه «رمز مذهل في التاريخ الأميركي وفريد في نوعه بطرق عديدة».

على المستوى الداخلي كان فوز ترمب نهاية حقبة السلالات الحاكمة وقطيعة مع سياق زعامة أميركية امتدت لأكثر من ٧٠ سنة، وتجاوزاً حتى لكل الثقافة الجمهورية التي لم تستطع كبح جماح الكتل الانتخابية الهائلة التي صنعت لحظة عودته خارج سياقات السياسة ومداميك صناعتها.

السياق الداخلي كان مواتياً لترمب، منها تراجع مستويات الدخل وغلاء المعيشة وارتفاع معدلات الانتحار وانتشار الإدمان للمواد المخدرة وكل ما وصفه المحللون بتشكلات المجتمعات ما بعد الصناعية التي ولدت من رحم معاناتها، وشعبوية ترمب التي حاولت التموضع على مقولة أساسية تمثلت في القطيعة مع النخب، والنخبوية وازدراء الصوابية السياسية وقيم الأسرة التي تحولت إلى ما يشبه الديانة التي يتم استنباتها في الداخل وتصديرها بصلف للخارج عبر الآلة الإعلامية الضخمة.

اللامتوقع والتجريب لترمب ربما طال أهم ملفين، الاقتصاد والعلاقات الخارجية، في الأول سيواجه قفزة في العجز المالي بأجندة مبنية على حوافز يكاد يجمع كل الخبراء الاقتصاديين على أنها وإن أدت إلى طفرة فستكون قصيرة الأجل، تليها حالة من الركود يعاني منها البنك الاحتياطي الفيدرالي ما يشبه، حسب تحقيق «الفايننشال تايمز»، ما حدث لبنك إنجلترا عقب البريكست؛ أي ذعراً كبيراً في السوق وتأثيرات مضطربة في النمو مدفوعة بقناعات الانعزال والحكم على أجندة التجارة الأميركية التقليدية بالموت البطيء.

على مستوى السياسات الخارجية هناك رهان كبير على دور المؤسسات الأميركية العريقة بعقلنة ترمب وتقليم أظافره عبر إقناعه، خصوصاً من قبل البنتاغون، بضرورة التحالفات المتوازنة.

الأكثر قلقاً بالنسبة إلينا في منطقة الشرق الأوسط، وعلى الخصوص في دول الخليج، يتمثل في مقاربة ترمب لمسألة إنهاء الحروب وإحلال السلام في عالم تغير كثيراً وبات أكثر تعقيداً، خصوصاً في الملفات الأساسية من تحولات العلاقة مع إيران وصولاً إلى غطرسة الكيان الإسرائيلي في المضي بعيداً ضد حقوق الشعب الفلسطيني وصولاً إلى صعود ملفات السيادة والهويّات والمستقبل الاقتصادي لدول الخليج ضمن رؤية تنتظر أن تؤتي أكلها في السنوات المقبلة، ولا يمكن أن ترتهن إلى مقامرات عالية المخاطر أو سياسات تجريب مبنية على قناعات ترمب وفريقه البعيدة عن السياق الذي تطور بعد فترته الأولى والذي ولّد لدى المراقبين مزيجاً من التفاؤل والقلق، لكنه في المقابل سيخلق فرصاً هائلة لدول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية، النموذج الأهم في الاستقرار واللاعب الرئيسي في تخفيض التصعيد وتكريس منطق الدولة والعقلانية السياسية للعب أدوار استباقية وإيجابية.

 

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقيدة ترمب من التجريب إلى اللامتوقع عقيدة ترمب من التجريب إلى اللامتوقع



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025

GMT 03:24 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

قتلى وجرحى في انفجار لغم أرضي شرقي حلب

GMT 01:13 2025 الثلاثاء ,22 إبريل / نيسان

جليد القطب الشمالي يسجل أصغر مساحة منذ 46 عاماً

GMT 03:46 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

ارتفاع حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي لـ23 شخصًا

GMT 12:58 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (103) رحيل الحبر الأعظم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab