سوريا واللحظة الحرجة

سوريا واللحظة الحرجة!

سوريا واللحظة الحرجة!

 العرب اليوم -

سوريا واللحظة الحرجة

بقلم : يوسف الديني

شبح الحرب الأهلية وعودة التنظيمات المتطرفة في سوريا اليوم هو أشبه بلحظة استعادية «Déjà-vu» هذه اللحظة الحرجة للمنطقة كانت مفاجئة وصادمة، لكن اليوم يمكن قراءتها ضمن سياقات أوسع وهي معادلة الدولة وشبح الانزلاق في الفوضى.

من يقرأ السياقات منذ «طوفان الأقصى» وإلى حالة تراجع المشاريع التقويضية لمفهوم الدولة ذات الطابع التوسعي والشمولي، يستطيع إدراك أنَّنا بإزاء مرحلة مفصلية في تاريخ سوريا الحديث؛ حيث تحولت العديد من دول المنطقة التي لم تستطع التعافي للوصول إلى حالة الدولة ذات السيادة الكاملة، إلى مختبرات تجريبية لصراعات تلك الأطراف في ظل ضعف المؤسسات الدولية وحالة الانكفاء والتخلي التي تعيشها الدول الكبرى، وهو ما بات يُلقي أعباء كبرى أمام الدول العربية، خصوصاً دول الاعتدال بقيادة السعودية إلى بذل كل الجهود للحفاظ على مكون الدولة مهما كان التحفظ أو النقد، وهو في معظمه كان صريحاً في المشروع العربي لإعادة سوريا إلى السياق العربي، الذي لا يمكن مهما حدث الخروج عنه، لا من حيث الضرورة التاريخية أو أقدار الجغرافيا والثقافة الضاربة بجذورها في عمق سوريا.

السياق الذي بدت فيه سوريا على الأقل خارج نطاق الفوضى منذ ما قبل «طوفان الأقصى»، بات اليوم يعيش منعطفاً خطراً بسبب أنَّها مطوقة بحدود ملتهبة وتراجع كبير في تحالفاتها للبقاء، التي طوقتها أيضاً بتحديات كبيرة على مستوى الجانب الأمني والاقتصادي والسيادي، وفي أول اختبار لتراجع المشاريع التقويضية يُطل اليوم شبح الفصائل المسلحة، التي يتقاطر عليها المقاتلون من كل حدب وصوب.

وساهم في ذلك تحولات كبرى في وضعية إيران، والبحث عن مقاربة تفاوضية مع الإدارة الأميركية المرتقبة، في ظل أيضاً مشاريع لخفض التصعيد والحوار مع دول الجوار، خصوصاً الرياض التي ضربت نموذجاً واقعياً وعقلانياً يقدم مصلحة المنطقة على كل الاعتبارات.

سوريا منهكة من التدخلات الخارجية من كلا الطرفين، وظلت ساحاتها أيضاً مرمى نيران إسرائيل في ظل شره نتنياهو للانتقام، وانشغال روسيا بحربها، وإيران بأذرعها، مما خلق فراغاً على الأرض سرعان ما استغلته التنظيمات المسلحة، في التحشيد ضد تحويل سوريا إلى منطقة فوضى، ربما لا يمكن أبداً - بسبب تعقيدات تموضعها السياسي والجغرافي - التنبؤ بما ستؤول إليه العواقب.

من جهة أخرى كانت الفرصة سانحة جداً مع مشروع إعادة التأهيل الذي قادته الدول العربية وبدعم كبير من السعودية، التي فتحت سفارتها مؤخراً بدمشق لإعادة تأهيل سوريا العربية ومنحها الفرصة للخروج من مأزق التدخلات الخارجية.

وقد كانت خطوة مهمة جداً لاستعادة سوريا، وبدء المفاوضات حول عودة اللاجئين وإصلاحات عميقة لضبط الأمن، وشبكات الحدود والجريمة المنظمة.

لا أحد يفكر في مسألة عودة سوريا إلى مربع الفوضى أو تلك اللحظة الاستعادية، التي رأينا فيها «داعش» و«القاعدة» وعشرات التنظيمات تعبث فيها، كما أن فكرة التقسيم غير واردة أبداً حتى لأكثر المختلفين مع سلطات دمشق.

من هنا فإن سياق الأحداث على الأرض لا يمكن أن يلغي فكرة ضرورة البحث عن حل تفاوضي وقرارات شجاعة، لقطع الطريق على عودة كابوس الفوضى منذ 14 عاماً، وما تبعه من تداعيات الاقتصاد الهش والأوضاع المعيشية، ورغم الخوف الكبير من تفاقم الأزمة، فإن المبادرة اليوم لتدارك ما حدث واستغلال المواقف العربية من جهة والمخاوف الدولية من عودة شبح التنظيمات المسلحة المصنفة على قوائم الإرهاب، التي لا يمكن أن تذهب بعيداً مهما غيرت من جلدها أو حاولت التلبس بقدرتها على تمثيل سوريا بمناطقها وتنوعها، وعلى الأقل ما رشح من مشاهد وصور وفيديوهات سيزيد من قلق المراقبين والقلقين على سوريا أكثر من أي وقت مضى.

هل يشبه الانسحاب الروسي والإيراني من سوريا نظيره أعني الانسحاب الأميركي، وترك البلد لطالبان كما يحاول بعض المحللين الغربيين استسهال قراءة الأشباه والنظائر السياسية؟

طبعاً لا كبيرة، فحجم التنوع وطبيعة الشعب السوري وعلاقته المعقدة بحدوده، إضافة إلى موقعه الجغرافي، كل ذلك يؤكد أن الحالة السورية أكثر حرجاً وتعقيداً من جهة، كما أن فكرة النسيج الاجتماعي المتنوع لا يمكن معها تخيل الانحياز للأمر الواقع وشرعنة عودة الأصولية المسلحة، وربما هذا ما يفسّر التنازلات الكبيرة التي قدمتها الدول العربية في مشروع دعم سوريا، على الرغم من كل التحديات المتصلة بطبيعة الأحداث والتحولات والتحالفات على الأرض، التي ربما أبطأت في الدفع بملف الاندماج في السياق العربي.

لا يمكن اليوم الخروج من مأزق الحالة السورية إلا بحل دبلوماسي وحوار جاد، وبناء رؤية عربية صلبة للخروج من المأزق الميليشيوي ومستقبل الدم المحدق بسوريا، بحيث تبدأ الفرصة بنقاش الملفات ذات الأولوية، مع الدول ذات العلاقة في مسألة الحدود، بضمانة الدول العربية ودعمها، وحلحلة ملف اللاجئين المؤرق والتسريع بعودتهم إلى ديارهم وصياغة مقاربة وطنية شاملة

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا واللحظة الحرجة سوريا واللحظة الحرجة



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab